الكتابة مدرسة تفاعلية
أنت عندما تكتب يجب أن لا يكون هدفك محصورًا في قراءة محبينك ومشجعيك لكتاباتك والتعليق عليها أو مشاركتها مع الآخرين. أنت بإمكانك أن تحول الكتابة الى مدرسة تتعرف من خلالها على نفسك وتستكشف أفكارك وتحقق درجة من الرضا الذاتي والشفاء النفسي. لا تنسى أيضًا أنك عندما تقوم بكتابة قطعة أدبية أو مقالة، فإنك في الواقع تشارك الآخرين أفكارك، لهذا من الأهمية بمكان أن تكون كتاباتك من النوع الذي يتوق الناس لقراءتها بالفعل. فهل ما أتحدث عنه هو شيء من قبيل توارد الخواطر، أو أنني قد وضعت اصبعي على الجرح الذي يعاني منه الكاتب والقارئ على حد سواء؟
عدم اهتمام الكاتب لرغبات القراء واحتياجاتهم، خطأ كبير ينم عن الإهمال الغير متعمد، وذلك من خلال نشر مقالات أو قصص لا تقدم قيمة لقراءهم إلا من قليل. الناس تبحث عن عائد مجز لما يستثمروا من وقت في قراءة تعدهم بفائدة في نهاية المطاف. الناس في قراءتها لأي محتوى، تريد أن تحقق أهدافا محددة، فهي تقرأ إما لمعرفة القيام بعمل ما، أو اكتساب مهارة، أو لفهم الأشياء بشكل أفضل، أو أنها ترنوا لأن تتفهم مشاعر الآخرين تجاه تجربة ما وتتعلم منها.
الناس في اختيارهم لقراءة هذه المقالة أو تلك، فإنهم يتطلعون إلى أن يطوروا فهمًا، أو يستلهموا فكرة، حتى يتمكنوا من تطبيق تلك المفاهيم والأفكار على جوانب حياتهم الخاصة. بمعنى آخر، يلجأ القراء الى تحسين شيء ما في حياتهم أو أنفسهم. من اللحظة الأولى التي تختار فيها عنوانًا لمقالتك، عليك ككاتب أن تسأل نفسك إذا كان ذلك العنوان في مضمونه العام، يحمل للقارئ رسالة مفادها، أنك تريد مساعدته أو إلهامه أو تعليمه. وما أن تكتشف أن الأمر لم يكن كذلك، فعليك إعادة صياغة العنوان من جديد ليلبي ذلك الهدف.
بطريقة أو بأخرى، عناوين مقالاتك يجب أن تتحدث إلى القراء بدلًا من أن يكون محورها أنت أيها الكاتب. عندما تكتب لقرائك، من الضروري أن تنشئ علاقة تشعرهم فيها كما لو أن كتاباتك مخصصة لهم، وبالنكهة الخاصة التي يفضلونها. لا تشعر قرائك بأي حال من الأحوال، بأن هدفك الأساس من الكتابة هو غزارة الإنتاج لا جودته. في هذه العجالة، لا يسعني إلا أن أسأل، ألا ينتاب بعض الكتاب الخوف والقلق من أن ما يكتبوه، قد أعادوا قوله مئات المرات في مقالات سابقة تحمل عناوين مختلفة، لكن جوهرها يعيد تكرار نفسه؟ بات على هؤلاء كسر هذه العادة، مع المحافظة على نفس الحماس، لكن هذه المرة بشكل إبداعي يتجدد يومًا بعد يوم.
وأنت تكتب مقالتك، سواءً كنت تهدف إلى تحفيز إجراء، أو تدريس مهارة، أو إثارة فضول، يجب أن تكون مقالتك بما فيها العنوان الذي تحمله، جميعها تساعد على إنشاء رابط بين كلماتك والأفراد الذين تنوي محاكاتهم. حتى تكون كاتبًا ناجحًا، يتوجب عليك الحفاظ على علاقة عمل بين الأفكار التي تطرحها في كتاباتك، والمحتوى الذي تريد جمهورك أن يصل إليه. بيت القصيد من الكتابة، هو أن تخلق مساحة يمكنك منها أن تكون جوهريا. المجهول غالباً ما يكون مخيفًا، لذا بات عليك أن تجعل من التشويق أداةً تدفعك إلى الأمام لخوض غمار الإثارة في كتاباتك المستقبلية. نحن ككتاب وقراء تجمعنا مدرسة تفاعلية، نتبادل فيها الأدوار بين طالب ومعلم، كل يأخذ دوره المناط له في الوقت المحدد والمعلوم.