أن تكون مختلفًا
لكل مجتمع من المجتمعات نمطه وتوجهه الحياتي الخاص به والمختلف عن غيره. الناس بدورها تسلك ذلك النهج لتطارد به أحلامها وتحقق نجاحاتها، والتي لا تعدوا في أبعادها، الشهرة، الثروة، والمنصب الوظيفي. مع مرور الزمن يتحول هذا النمط من الحياة إلى عقيدة لا تقبل الشك، أن هذا هو مفتاح السعادة. لو سلمنا بهذه الفرضية، إذن لماذا الكثير من ”الناجحين“ غير سعداء، بل مصابين بالإكتئاب. ألا يجعلنا هذا نتساءل ”هل هذه فعلًا هي الحياة التي يقصدها الجميع ويبذلون الغالي والنفيس لتحقيقها؟“
أنت لست مختلفًا عن السواد الأعظم من الناس، الذين يميلون إلى اتباع النموذج الذي سوغه وباركه لهم المجتمع، والذي يمكن حصره في الحصول على شهادة علمية، بناء مهنة، يتلوها زواج، وتكوين أسرة. كغيرك من أقرانك تحاول أن تبقى ضمن هذه الخطوط المرسومة، لكن هذا لا يمنعك من الإخفاق تارة والنجاح تارة أخرى. هكذا هو سيان الحياة للأكثرية، إلا من قليل ممن يرون الحياة من زاوية مختلفة.
إذا كان اتباعك لهذا النهج الحياتي، قد حقق لك السعادة والضمانة الحياتية الكريمة، فهذا أمر رائع يباركه الجميع ويتمنون من أعماق قلوبهم، أن تدوم عليك هذه النعمة وغيرها أبدًا ما بقيت. اعتبر، من هذه اللحظة، أن المقالة لم تُكْتَب لك، وواصل حياتك بطريقة طبيعية.
زيجلار الكاتب والمتحدث الأمريكي يقول ”كل مستوى تالي من حياتك، يتطلب إصدارًا مختلفًا منك“. هناك نوع آخر من الناس يبحثون عن أشياء، هي في نظرهم، أكثر أهمية من التقدم الوظيفي والثروة والبرستيج. أنا لا أختلف مع أحد، أن المال والمنزل الكبير والسفر والسيارة الفارهة، كلها أشياء رائعة والعالم بأسره يسعى حثيثًا لتحقيق القليل اليسير منها، لكن الكثير ممن حققوا تلك الأحلام وأكثر، اكتشفوا أن السعادة لا تكمن في الاستحواذ على هذه الماديات، وأن عليهم غربلة تلك الأحلام من جديد عسى أن تحمل بين طياتها، السعادة المفقودة. اليوم، أكثر هؤلاء التائهين يسألون أنفسهم عما إذا كانت حياتهم هذه، هي تلك التي خططوا لها، وطالما حلموا أن يعيشوا، أو أن هناك من حياة أخرى، هي أقل صخبًا وضجيجًا وأكثر سعادة؟
أنت لست وحدك الذي تشعر بالتيه في هذه الحياة، أمثالك آلالاف، إن لم يكن ملايين من الناس، ممن يشعرون بأنهم تجاهلوا الصوت الذي يأتيهم من أعماق الداخل، حتى انتهى بهم المطاف إلى ما هم عليه من بؤس وسوء حال. إذن الصورة واضحة كوضوح الشمس، أن المال، والممتلكات والبرستيج الإجتماعي، منافعها مادية بحتة، وأن السعادة في المقام الأول تلعب دورا هاما ومفصليًا في تقبلنا للحياة ورضانا عنها، وبدونها كل الماديات تفقد معناها الحسي والمعنوي.
إذا كنت فعلا جادًا في إحداث تغيير جوهري في مسار حياتك، فأنت بحاجة إلى إجابات شافية، واضحة ومحددة. لا يوجد أحد هذه الأيام، لديه الإستعدادية الصادقة في أن يستثمر طاقته ووقته الخاص، في سبيل أن يراك تزدهر وتشق طريقك نحو أهدافك التي تحقق لك سعادتك الحياتية. عليك بكل وعي، أن تضبط الضوضاء الصادرة من الخارج، وأن تستمع إلى صوت العقل القادم من داخلك، لأنه الصوت الوحيد الذي يمكنك الوثوق به، وهو الأجدر من بين جميع الأصوات قاطبة وأصدقها، والأقرب منك إليك في إسداء النصح والإرشاد، وهو الخيار الأذكى الذي يمكنك الإعتماد عليه، في اتخاذ القرار الأصوب للوصول إلى السعادة الحقيقية.