حافظوا على المكتسبات الرمضانية
روى السّيد ابن طاووس عن الصّادق قال: مَن ودّع شهر رمضان، في آخر ليلة منه وقال: اَللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخرَ الْعَهْدِ مِنْ صِيامي لِشَهْرِ رَمَضانَ وَاَعُوذُ بِكَ اَنْ يَطْلُعَ فَجرُ هذِهِ اللَّيْلَةِ إلاّ وَقَد غَفَرْتَ لي غفر الله تعالى له قبل أن يصبح ورزقه الانابة اليه [1] .
حينما تسود حالة من التآلف والمحبة بينك وبين شخص آخر، وحينما تكون بينكما ذكريات ومواقف جميلة، وحينما تجد أن صديقك يبعث فيك روح السعادة والأمل، وحينما تبنى علاقتك على قاعدة الحب في الله، فإنك لا ترغب برحيله عنك، وتتمنى بقاءه معك إلى الأبد، لأنك تعلم أن انتهاء هذه العلاقة ورحيلها ستكون من أصعب اللحظات، وأشدها حزنًا على نفسك.
وهكذا هو شهر رمضان الذي ”صَحِبَنَا صُحْبَةَ مَبْرُور، وَأَرْبَحَنَا أَفْضَلَ أَرْبَاحِ الْعَالَمِينَ،“ كما يقول الإمام زين العابدين في دعاء وداع شهر رمضان الذي أحيا قلوبنا وأنار عقولنا، وشحننا بالطاقة الإيجابية والنورانية، وحلق بنا في ضيافة إلهية مميزة، فكان موسم الإيمان، ومائدة التقوى، وساحة العرفان..في ختام هذه الدورة المكثفة الهادفة إلى تغيير الذات وتطهيرها وإصلاح النفس وتزكيتها، وتنمية السلوكيات والعادات الحسنة، يجدر بنا أن نحافظ على هذه المكتسبات الإيمانية وأن نداوم عليها وفي الحديث عن الإمام الباقر : ”ما من شيء أحبّ إلى الله عزَّ وجلّ مِنْ عمل يداوَم عليه وإن قلّ“ [2] .
الاستمرار على الممارسات العبادية
إن الذي نحتاجه من أجل أن نحمل هدى رمضان إلى الأشهر الأخرى، هو أن نحافظ ونواظب على بعض الممارسات التي اكتسبناها من شهر رمضان، مثل صلاة الليل وتلاوة القران وقراءة الأدعية، وما إلى ذلك من الممارسات العبادية.
وأن نحافظ على تلك الفاعلية في أداء العبادة، روي عن الإمام علي أنه قال: ”إذا قويت فاقو على طاعة الله سبحانه، إذا ضعفت فاضعف عن معاصي الله“. وروي عنه : "ثابروا على الطاعات، وسارعوا إلى فعل الخيرات [3] .
حافظ على ورعك فهو أفضل الأعمال كما ورد في خطبة النبي ﷺ قال أمير المؤمنين : فقمت وقلت يا رسول الله، ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟
فقال ﷺ: يا أبا الحسن أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل[4] .
كن في أعلى مستويات الورع في اجتناب المحرمات والمناهي أيضًا.
الأخلاق وقار الصائم
قال رسول الله ﷺ: ”مَن حَسُن منكم في هذا الشهر خُلْقه كان له جواز على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام“ [5] . فقد كان شهر رمضان فرصة ذهبية ليدرب الإنسان نفسه على مكارم الأخلاق، حتى يصير حسن الخلق من سجاياه، وتصير الفضائل طبعًا فيه.
والأخلاق الحسنة هي وقار الصائم كما ورد عن الإمام الصادق : ”عليك وقار الصيام“ [6] وما أجمل أن تخرج من هذا الشهر بهذا الوقار.
حافظ على قوة إرادتك
ليس أفضل من شهر رمضان دورةً لتقوية الإرادة والعزيمة وإعادة شحنها لمواصلة طريق النجاح في الحياة، ذلك لأن النجاح لا يظهر دفعة واحدة وإنّما يحتاج إلى صبر وتجلّد وقوة إرادة ومثابرة ويمكن تحقيقه من خلال دورةُ الصوم.
ومن يتخرج من هذا الشهر قوي العزيمة والإرادة فإنه سيحقق أهدافه، وفي هذا الصدد يقول الإمام علي : أصل العزم الحزم، وثمرته الظفر [7] .
حافظ على المكاسب الصحية
روي عن الإمام علي : الصيام أحد الصحتين [8] .
إن أكبر شيء يعطينا إياه الصوم هو مستوى جديد من الصحة، وهذا التجدد في الصحة ينعم به الكبار في السن والشباب على حد سواء، وبالنسبة ذاتها، وذلك أن البنية تتجدد بكاملها فتتحسن وظائفها العديدة وتنشط.
لذلك يجب الحفاظ على الفوائد الصحية التي تحققت خلال شهر رمضان وعدم إهدارها باتباع أنماط غير صحية.
وأخيرًا نقول بقلوب منكسرة ملؤها الحسرة والحزن لفراق هذا الشهر:
أَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ كَمَا وَفَدْتَ عَلَيْنَا بِالْبَرَكَاتِ، وَغَسَلْتَ عَنَّا دَنَسَ الْخَطِيئاتِ.
أَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ غَيْرَ مُوَدَّع بَرَماً وَلاَ مَتْرُوك صِيَامُهُ سَأَماً. [9]