الجار و”حاوية القمامة“
من وصايا اللّه تعالى للرسول الأعظم، قال ﷺ : «مازال جبرئيل «عليه السلام» يوصيني بالجار حتى ظننت أنّه سيورثه» [1]
كان للجار قبل أعوام طعم آخر، كان حاضرا في السراء والضراء، كان حامٍ عن جاره، يلوذ به يتقصى أخباره، يقضي حاجته، يبادله الطعام والمؤن.
اتذكر عندما كنت صغيرة كانت والدتي تخصص يوما في شهر رمضان للجيران فقط ترسل لهم مالذ وطاب من الأطباق، وبالعكس كانوا هم كذلك.
كان زماننا مختلفا عن اليوم وكان زمانهم افضل من زماننا وهكذا.
حيث قال ﷺ: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالحمى والسهر» [2]
اليوم نعرف الجار بالصدفة أو قد يكون جيلنا الجديد خجولا من الاختلاط مع الآخرين أو منشغلا بنفسه ليس عيبا فهذه هي الحياة.
ولكن الأهم ألا يؤذي الجار جاره ويحفظ حقوق جيرانه وألا يتعدى أحدهم على الآخر.
قيل في المثل «اختر جارك قبل دارك» ولكن ماذا لو جار سوء وقع في أحضان حيك؟! هذا ما يخشاه عادة أهالي حي ما، عندما يبدأ البناؤون تشييد بيت جديد.
يبدأ التساؤل من سيسكن هذا البيت، وتبدأ الابتهالات لله - ان شاء الله - جار خير لا شر وهكذا، خاصة في الاحياء الحيوية والتي يتزاور فيها الجيران مع بعضهم البعض.
وفي أحد أحياء القطيف الجديدة جاء ”الجارُ الجديد“، ما إن اشترى منزله قام بإزالة حاوية القمامة التي تقع في طريق مقابل بيته ملك عام للدولة، والتي تسكن هذا المكان قبل عشرات الأعوام، ومن هنا انطلقت حكاية جديدة لأهالي الحي والجار وحاويات القمامة.
الجار الجديد دخل الحي واشترى البيت وأظنه يعتقد بأنه اشترى مساحة الشارع التي تقع مقابل بيته! فممنوع ان تقف سيارة هناك او ان تضع البلدية حاوية قمامة مقابل زاوية بيته.
الجار الذي لم يسكن بعد يتصارع مع الحاوية كلما مر للاطمئنان على بيته الجديد، هداه الله وأسكن روعته وأبعد عنه هم الحاويات.
قد يرى أن من حقه ألا ير تلوثا بصريا وبيئيا عند بيته، ولكن نسي أن يشارك حقه جيرانه أيضا.
قال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾. [3]