آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

ثقافة التقدير

رضي منصور العسيف *

لم يكن خطه بذلك الجمال... إلا أن أستاذه أراد أن يشعل فيه روح الإبداع... فقال له: خطك جميل... وهذا دليل الذكاء الذي يميزك عن غيرك....

وتمر السنون وإذا بهذا الطالب يفوز بالمركز الأول في مسابقة الخط العربي...

«التقدير» هي كلمات بسيطة ولكنها وسيلة تربوية مؤثرة في حياة الكثير من الناس، هي كلمات تشعل الحماس وتفجر الطاقات الكامنة، هي كلمات تشعر الإنسان بقدراته ومواهبه وصفاته التي تميزه عن غيره.

إن مكافأة المجتهدين وأصحاب الإبداع والتميز هي من سمات الناجحين وقد حث ديننا الإسلامي على هذا المبدأ فقد ورد عن رسول الله ﷺ أنه قال: من أتاكم معروفا فكافؤوه، وإن لم تجدوا ما تكافؤونه فادعوا الله له حتى تظنوا أنكم قد كافيتموه [1] .

وما قصة نبي الله موسى إلا تجسيدًا لمبدأ المكافأة يقول تعالى: ”فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ «24» فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ۚ فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ ۖ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ“ القصص /25

وكل من يمنح الآخرين التقدير فإنه لا يفقد من رصيده شيئًا بل سيرى انعكاس تلك الكلمات وتلك المواقف على الآخرين.

إيجابيات التقدير

مفتاح القلوب

روي عن رسول الله ﷺ أنه قال: جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها [2] .

وروي عن الإمام علي أنه قال: بالإحسان تملك القلوب [3] .

إذا أردت أن يحبك الناس، فما عليك إلا أن تسبغ التقدير على الشخص الآخر وتجعله يشعر بأهميته.

ومهما كانت العلاقات «متوترة» إلا أنها تتغير إلى الأفضل بهذه الوسيلة الساحرة «التقدير» فهي وسيلة إعادة وحفظ العلاقات، وبِحُسْن التقدير نجعل الآخرين من ممتلكاتنا الخاصة.

فقط بكلمة «شكرًا» يمكنك أن تمتلك القلوب، وتغير معادلات الخلاف بما تتضمن من مفردات البغض إلى معادلات التقارب والتفاهم

التقدير علاج للضغوط

ربما لا نعلم عن الضغوط التي يعاني منها الكثير من الناس، وقد يكونوا في أمس الحاجة إلى الدعم النفسي قبل المادي لذا قد يكون التقدير هو الدواء المجاني والوصفة السحرية التي تتغلل في الأعماق، فتبدل حالات الضغط النفسي إلى شعور بالراحة والسعادة.

التقدير كبسولة الإنتاجية

إذا أردت مزيدًا من النجاح وزيادة في الإنتاجية فما عليك إلا أن تستخدم هذا الأسلوب فهو محكًا حقيقيًا لزيادة الإنتاج بالعمل، كما أن له تأثير مذهل في حياة المبدعين.

استخدم هذه الكبسولة في بيئتك «البيت أو العمل» وامدح أي تحسن إيجابي ولو صغير، وامدح كل تحسن وتطور. وسترى النتائج والثمار اليانعة.

إشاعة ثقافة التقدير

يمكنك أن تعبر عن إعجابك وامتنانك لجهود الآخرين وإشاعة هذه الثقافة من خلال ممارسات بسيطة:

البسمة: ابتسم لمن قام بعمل مميز فهذه البسمة دليل على نظرة التقدير التي تحملها له.

التقدير بالكلمة: ابدأ كلامك بالمديح والتقدير الصادق غير المبالغ فيه.

الهدية: اصنع إهداءات شخصية متنوعة وبسيطة، مرتبطة بالأداء وقدمها أمام الآخرين واجعلها عادة تمارسها بين الحين والآخر.

تذكر أن سعادة الآخرين ربما تكون بكلمة «شكر وتقدير» فلا تبخل بها على من حولك، بل كن مبذرًا، وسخيًا في امتداحك لإنجازاتهم ومواقفهم، وسيحفظ الناس لك هذا الصنيع طيلة حياتهم حتى بعد أن تنساها أنت.


[1] : ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 3 - الصفحة 2720

[2] : ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 3 - الصفحة 2617

[3] : ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 1 - الصفحة 641
كاتب وأخصائي تغذية- القطيف