أكثر من مجرد تقليد
أصبحت بيئتنا العربية والإسلامية مرتعًا لكل ما هو جديد من الصيحات الغربية، ففي الأمس ظهر لنا تحدي «دلو الثلج» ورقصة «البطريق» وأغنيات مثل «جانجام ستايل» و«هابي» وقبلهما «مكارينا» وغيرها من الأغاني المصاحبة لحركات استعراضية. لذا من المهم أن نقول: عندما تغيب القيم ويذوب الفرد في ثقافة التقليد الأعمى يبدأ التخبط، فنحن أمة تملك دستورًا هو القرآن الكريم والسنة النبوية، وعلماء قدموا لنا أجمل أنواع التضحية والبناء الذاتي للإنسان المتحضر.
ما نشاهده هذه الأيام من انتشار ملفت لـ «رقصة كيكي» وغيرها من الصيحات والموضات الغربية، جاء نتيجة للبس لمعنى الحرية، فالبعض يرى أن هذه الرقصة حرية شخصية ونوعٌ من التحضر والانفتاح.
من جانب آخر، لماذا أبناؤنا وبناتنا المراهقون والمراهقات لا يقلدون إلا السيئ من الغرب؟ فهناك جوانب رائعة وإيجابية منها التقنيات والصناعات والجانب الثقافي والتطور الذاتي، لماذا دائمًا تركيزنا مصب على المنحطين في الغرب وما يقدمونه عبر «السوشال ميديا» من تخلف يرفضه الغربي المعتدل قبل العربي المسلم؟.
إن مثل هذا الرقصات الخطيرة هي تهديد للروح في المقام الأول، فهي تعتمد على الحركة والميل والسيارة تسير، ماذا يعني هل كل واحد لديه القدرة على تمالك الموقف والحذر؟ الكثير ممن أدى هذه الحركة أصيب بعاهة وأخطاء جسدية ونفسية.
الغريب في الأمر أن الكثير يراها مرفوضة، ولكن نجده يعطي الضوء الأخضر لتسللها داخل مجتمعه، بدعوى: لماذا نمنع؟ هناك من يريد ذلك.
ما هو الواجب علينا تجاه هذه الظاهرة؟ أعتقد علينا تكثيف دور التوعية من خلال الندوات والوسائل الإعلامية والتحذير عن مدى تغلغل هذه الثقافة اللعينة داخل مجتمعنا المسلم المحافظ.
إذن، لماذا لَمْ تكن لنا وقفة جادة؟ كل من موقعه، فلنتهيأ لما هو أعظم من ذلك، وبالتالي ستصعب علينا مواجهة من يرون أنفسهم جيل المستقبل، ثقافة التقليد ما هي إلا خواء روحي نتيجة لغياب الهوية الحقيقية والتي من المفترض أن تغرسها الأسرة من اليوم الأول في هذه الحياة، «كلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ» هي خلاصة كلام الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في تربية الأجيال.
الاعتزاز بالذات وبما نملك من إرث إسلامي، يحمي من الانحرافات السلوكية، فعلينا أن نعي أن الغرب صحيح متقدم علينا على صعد كثيرة، ولكن بدون هوية روحية، مما ساهم في ازدياد حالات الانتحار.