آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 2:13 م

الود والمحبة أساس التعايش

علي ناصر الصايغ

أبقاءً للود وحفاظاً على رابط الأخُوَّة يبتعد البعض عن وسائل التواصل الإجتماعي معللين ذلك حتى نَبقى أَخوه وأَصدقاء.. منها خروجهم عن بعض مجموعات التواصل الاجتماعي لما ينقل من موروثات قد يتفق أو يختلف معها الأكثرية أو القلة ولكن الواعون والمنصفون قد يؤيدون ما فيه الفائدة والمنفعة ولكنهم لا يقبلون طرح ما يُختلف عليه وما يؤجج لنقاش عقيم يتبعه خلاف وقطيعة.. ومنها عدم حضورهم في بعض المجالس العامة التي يتشدد بعض مرتاديها عادة بالحدية أو الجدل في النقاش، وهناك من ينتقد هذه الفئة معلقاً بأنهم يرون أنفسهم هم الصح دئماً و«قد لا يتفق مع هذا الرأي الكثير ولعله مبالغاً فيه».. حتى أمتدت هذه الحالة لبعض المساجد ما أثر ذلك على بعض مرتاديها وحُرموا من الحضور والأستفادة من برامجها، ذلك لتميزها في دورها الإجتماعي، من خلال ما تتبناه من برامج دينية وثقافية وتربوية تسهم في صناعة أجواء إيجابية تؤلف بين المؤمنين بصدق المودة وجميل الأحترام..

ولا يختلف أثنان أن بعض هذه القنوات الأجتماعية لا تخلوا من بعض الملاحظات لما فيها من بعض التصرفات التي لا يقبلها العقلاء ولا يرتضيها الواعون، أما لما تسببه من الفتنة بين المؤمنين، أو للنيل من أشخاص لأي سبب كان، وتجنباً للردائل والأثام والغيبة والريبة والتسقيط والخوض في ما يسخط الله تعالى، هناك من ورعهم يمنعهم من البقاء، حتى وأن كانت هذه الأخطاء في «دائرة الزله أو الهفوه» والتي يتداركها أصحاب الضمائر الحية ويتجنبها أصحاب الورع..

ويبدُ لي أن الأشخاص الإيجابيين عادة ما يسعون لترك الخلافات التي تسبب القطيعة أو الأختلافات التي تجرح الأخوة وتقطع حبل الود، أحتراماً لوجهات النظر وأن أختلفوا، كل ذلك إعتقاداً منهم أنه لا ينبغي أن نؤسس لزاوية خلاف أو نقطة أختلاف، وأن لا نجعل منها سُنة للقطيعة تتحول إلى شحنه للبغص والكراهية تغلق كل أبواب الجمال في العلاقات وتُسدل ستائر العتمة تغلق منافذ النور في التواصل، وفي تصوري أنه لا ينبغي أن يكون الأختلاف سبب لنحر سنوات من العشرة الطيبة والتواصل الإيماني المثمر والأخوي الكبير..

وما يؤسف له تحولت بعض المجالس وبعض قنوات التواصل إلى بيئة سيئة جداً والأكثر أسفاً له أن هناك من يطرحون ما هب ودب دون وعي منهم ودون معرفة للنتائج المترتبة على ذلك، ودون مراعاة لمشاعر البعض ظناً منهم أن طرح مثل هذه الأمور فيه فائدة أو مصلحة، بينما ما هو إلا مفتاح للنقاش العقيم ونقطة تحول يبدأ منها الخلاف والنفور والابتعاد عن دوائر تصنع الفتنة والخلافات وتغذي روح الكراهية بين المؤمنين، والأعجب من كل ذلك هناك من يتصنع الوعي والمعرفة بينما تجده من المبادرين الذين يباركون بعض ما يطرح لأنه يخدم مزاجهم الفئوي أو توجههم الديني أو قناعاتهم المتصلبة لجهة ما، ولعل ذلك يعود لتبعيتهم أو لجهل منهم لا يدركون أن تصرفهم هذا قد يكون سبب يؤيد طرف ليس من الضرورة أن يكون رأيه سليماً بينما هو قد يسئ لطرف أخر..

أعتقد أن في الحوارات والنقاشات من الجيد الأستفادة من جميع الناس، الكبير والصغير، العالم والجاهل، ولا ينبغي أن يحتقر رأي أحد مهما كان، فقد يكون لديه من سداد الرأي ما يفوق تصورنا، لنكون أكثر فضولا بالناس، وأقل فضولا بأفكارنا، فالضمير اليقظ هو الذي تصان به الحقوق المتمثلة في الله والناس، وتحرس به الاعمال من دواعي التفريط والإهمال، عندما نلمس الجانب الطيب في نفوس الناس، نجد أن هناك خيرا كثيرا قد لا تراه عيوننا من أول وهلة..

ولا شك أن العاقل من يتجنب أن يكون مساهماً في طرح ما يسبب الأساءة، والمؤمن من يتورع عن الخوض في ما يُحمله التبُعات، ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا [96 مريم]

تبقى المودة والمحبة بين الناس من أهم الصفات التي يتحلى بها كل إنسان، حيث أن الإنسان الذي يود الآخرين يصبح شخص محترم بأحترامه للآخرين، كما أن المحبة بين الناس تجعل الناس يحبون الخير لبعضهم..