آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

شيتون

سوزان آل حمود *

إنَّ قوَّة المسلمين وعزتَهم، ووجودَهم وهيبتَهم، يكمن في اجتماعهم وترابطهم، وقيامِهم بواجباتهم، فقد أراد الله تعالى لأمة الإسلام أن تكون أمَّة واحدة، وأن يكون مجتمعها مُترابطاً، مُتحابَّاً، مُتراحماً، متواصلاً، مُتناصحاً، مُتناصراً، يجتمع على طاعة الله تعالى ويتفرق على ذلك.

إلا أن الحياة لاتستمر بحلوها إلا ورافقها منغص من المنغصات من فتن وملهيات وغيرها فوسائل الفتنة كثيرة، ففتنة النساء، وفتنة المال، وفتنة الزوجات، والأولاد، وفتنة الأقارب، وفتنة العصبية لجنس بعينه أو قوم، أو مذهب أو طائفة، أو غير ذلك من ألوان تحيط بالإنسان الذى هو موطن الاختبار فى الحياة، ليبلوكم أيكم أحسن عملاً، والعصمة من هذه الفتنة وغيرها هى الاستمساك بحبل الله المتين، فاستمسك بالذى أوحى إليك إنك على صراط مستقيم، إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم، وبغير هذا الاتباع للقرآن والسنة، لا حامى من فتنة ولا عاصم من ضلالة.

فما بلغك عن أخيك من النقيصة أو الذم فإنك لا تلتفت إلى هذا؛ بل تتوقف حتى ولو كان صحيحاً لا تنشره. قال الله عز وجل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا» يعني: تثبتوا «أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ»، وفي هذه الآية: «وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ» هذا ما يتعلق بالجماعة والأمة، وهذا لا يصلح أن يدخل فيه العامة ويدخل فيه الغوغاء، ويدخل فيه أهل الأهواء إنما يدخل فيه المصلحون الذين يسوون النزعات بين المسلمين لنشر الامن والامان والاخوة الاسلامية، فماذا تقول للانسان الذي يشعل نار الفتنة بين الناس كي يرضي مصالحه الشخصية والانانية؟!. إنه سبب رئيسي من أسباب استفحال أزماتنا لاسيما الاجتماعيّة، السعي بالفتنة بين الناس التى حذرنا منها رب العالمين فى كتابه العزيز حيث قال: ”الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ“. وقال: ”وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتل“، وقد يستغرب المرء أن تكون الفتنة التى قد تكون بكلمة لا يلقى المرء لها بالا أشد أو أكبر من القتل، ولكن بقليل من التدبر يتبين بأن المراد على سبيل الحقيقة باعتبار الأثر المترتب على الفتنة، فالقتل يقع على شخص أو أشخاص محصورين وإن كثر عددهم، بخلاف الفتنة فإن أثرها قد يمتد إلى أناس لا ناقة لهم ولا جمل، وقد يتدحرج حتى يتجاوز حدود الزمان والمكان، فيتخطى حدود دولته الجغرافية، وتتوارثه الأجيال، وقد صدق رسولنا الكريم فى كل ما قال ومنه "إنَّ العبد ليتكلّم بالكلمة - مِنْ رضوان الله - لا يُلْقِى لها بالاً، يرفعه الله بها فى الجنة، وإن العبد ليتكلم بالكلمة - من سَخَط الله - لا يُلْقِى لها بالاً يهوي بها في جهنم.

إن الإسلام يدعو أهله إلى الألفة والمحبة والمودة، وتقوية الأواصر، والتفاني من أجل خدمة المسلم لأخيه المسلم، والتواضع لله ولعباده، فمن تواضع لله رفعه، ومن تعاظم على الله وضعه، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلبه ولا يحقره، بل كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه، هكذا جاء على لسان نبيكم ﷺ، ويقول ربكم تبارك وتعالى: ”واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا“.

احذروا كل الحذر من الشيتون «هادم اللذات» هو يعمل على اثارة المشاكل والتباغض، وابتعدوا عن التنافر وكثرة الشكاوى أو الانقياد لرأي شيتون يريد الإفساد لا الإصلاح، من كانت له على أخيه ملاحظة، أو رأى منه زلة وهفوة، أو لمس من خطأ وجفوة، فلا يعني ذلك أن يحمل عليه في صدره كرهاً وبغضاً، وليس معنى ذلك أن يتقدم ضده بخصومة أو شكوى، وليس معنى ذلك أن يؤلب الناس عليه، أو يثير الفوضى، فيكثر الهلكى، بسبب أمر كان من الممكن أن يتدارك بالنصيحة الأخوية، وبالمشورة والروية، وبالتسامح والعفو والإحسان، وغض الطرف عن المشكلات، وإيجاد الحلول المناسبة لها.

لنكن قلباً واحداً ويد معتصمة بحبل الله ضد شيتون الجماعات.