ملائكةٌ قبلَ الزواج
لن أضيف شيئًا جديدًا في هذا الموضوع فقد سبقني الكثير في الكتابة عنه جملة وتفصيلًا، وهي ما تسمى بمرحلة الخطوبة والتي هي بداية النهاية أو نهاية البداية لعلاقة سيكتب لها النجاح أو سيجرفها طوفان الذكريات وسنون النسيان.
هذه المرحلة الحساسة - في ظني - مجاملات وإغراءات واستعراضات أكثر من أنها مصارحة حقيقية من الطرفين، فكلاهما متخوفٌ ومتحفظٌ من السقوط من عين الثاني.
في ظلال الرومانسية تغيب أمور مهمة، لعل في مقدمتها معنى الجمال والحب في حياة الرجل والمرأة، وهل يلعب الجسد والفتنة الكفة الغالبة على المستوى العلمي والأخلاقي والتربوي؟
بكل تأكيد، موروثنا الروائي مشبعٌ بالحرص الشديد والحثيث على بناء علاقة قائمة على الدين، فالدين قبل الحب، لكن في ظل الانفتاح على «السوشيال ميديا» اختلفت المعايير والمقاييس في اختيار شريكة الحياة، فأصبحت تلك العلاقة قبل ثلاثين سنة المبنية على رأي الأهل بنسبة كبيرة لا قيمة لها في الجيل الجديد، وهو - في نظري - تطورٌ في الوعي الاجتماعي ونشجع عليه. لكن من المهم أن ندرك أن الذهنية الاجتماعية تغيرت وفق معطيات ونسق ثقافية داخل الأطر الاجتماعية.
على كل حال، ففي مرحلة الخطوبة من المفروض أن تكون هناك مصارحةٌ لا أن نكون ملائكةً، أن نعرف ماذا يفكر شريك الحياة وماذا يريد وكيف نتدارك الصدام في الآراء والذوق والاختلاف، وبالتالي هي مرحلة إنصات وترقب ووعي لهذه المرحلة.
يعجبني رأي الأستاذ موسى الشايب في هذا الصدد، يقول: المشكلةُ أن فترة الخطوبة حتى لو طالت تبقى فترة تعارف. ولن ينكشف المعدن الحقيقي لهما خوفًا من الطلاق بسبب المجاملات والتلميع والمثاليات، لذا سوف يغفلان جانب المصارحة والجدية. كل همهم العيش في أيام وردية مليئة بالأحضان والقبلات والهدايا وبمجرد الدخول في الجادة يبدأ الخلاف.
بالنتيجة أننا لو استغللنا فترة الخطوبة استغلالًا صحيحًا وواعيًا لما سقطنا في الخلاف، أو على الأقل، قَلَّ الخلافُ، فطول الفترة من قصرها ليس مهمًا بقدر أن يفهم كل واحد منا الآخر.