كأنها تقول: ”العملية ناجحة لكن المريض مات“
أصبحت هذه المقولة مضرب مثل لمن يصلح جزءً لكن بدمار للكل.
الصورة البانورامية للقطيف تعطي المخطط والمسؤول الفرصة ليرى الصورة الكاملة لا المجتزأة للقطيف، فهي تظهر المقومات ونقاط القوة التي تمتلكها المدينة وهي تتمثل في: الموقع الجغرافي، والإرث التاريخي والتراث المعماري، واطلالتها على البحر ووجود جزيرة تاروت، والبيئة والتراث الزراعي، وأهمها المواطن القطيفي المميز بكل ما يختزنه من عنفوان وتحصيل علمي.
أن تمهيد الطرق على أرض الواقع للوصول إلى كل هذه العناصر التي تمثل القطيف وبيئة القطيف يتطلب من بلدية القطيف أداء أفضل. فتقديم الخدمات البلدية والتنسيق مع مختلف الجهات ذات العلاقة تحت سقف الحفاظ على هذه المكونات التي تمثل وتميز مدينة القطيف هو العنوان الابرز والرؤية التي تحتاج البلدية أن تعمل وفقها، كي تبقى القطيف في مضمار المنافسة الإيجابية مع اخواتها مدن المملكة الأخرى والتي فيها رجالها ولها أيضا ما يميزها.
المملكة الان - وكمثال فقط - تُولي أهمية كبرى للسياحة والتراث بأنواعه والثقافة ولمختلف أنواع الرياضات، ولتفعيل هذه المنظومة في المدن تحتاج كلها إلى بنى تحتية تبدأ بوجود الطرق والشوارع المناسبة والمرافق المناسبة والميادين والمساحات التي يمكنها استيعاب الفعاليات المختلفة بكل ملحقاتها، لكن الوضع في البلدي في القطيف مازال بعيد عن كل هذا المضمار، فالنظرة التقليدية القاصرة في التعامل مع هذه الأمور وغياب المبادرات البلدية تجاه تطوير المدينة أوجدا ثغرة واسعة في مستوى التخطيط الحضري والخدمات البلدية للقطيف، ومازالت هذه الفجوة هي المسيطرة حتى الآن، وجعلت إمكانية مواكبة المدينة لرؤية 2030 بالرغم من وضوح وإعلان تفاصيلها يبدو كأنه أمرًا بعيد المنال.
من أبرز الثغرات التي يمكن ملاحظتها على الأداء البلدي، هو حالة التناقض بين توجهات الوزارة وبين أداء البلدية، فلقد رفعت الوزارة - على سبيل المثال - الصوت عاليا نحو تحسين المظهر الحضري وإزالة التشوه البصري في المدن، فيما نرى في القطيف حالة تجاهل وتشويه متتابع لأهم ما يميزها من مقومات ترفد مكانتها بين المدن الأخرى، خصوصاً فينا يتعلق بالمحافظة على المواقع التراثية والمناطق الزراعية التي هي أيضا تراثية بطابعها وأنظمة الري وتصريف المياه حولها. لقد اهملت بلدية القطيف حتى العناية بمستوى ارتفاع المخططات السكنية، واصبحت بعض المخططات السكنية الصغيرة والقريبة من بعضها متفاوتة الارتفاع بالرغم من أن الأرض مستوية كما كل ارض القطيف مستوية كاملة الاستواء وليست جبلية.
أما الحديث عن شوراع المدينة فهو حديث ذو شجون أيضا، ولعل النقطة المركزية فيه هي: الا إدارة خاصة في التنظيم الإداري للبلدية متخصصة بالشوارع في المدينة. والحديث عن الشوراع وطول مدة صيانتها التي تفتك بالمحال التجارية، يقود تلقائياً لمشكلة عدم وجود أرصفة حقيقة للمشاة، وإن وجدت فهي غير محترمة، بل هي قليلة وضيقة ومشغولة عشوائيًا بالعديد من الأخطاء الإنشائية والمعدات والأجهزة الخاصة بشركة الكهرباء والمرور والبلدية والاعمدة الإعلانية وتعديات أصحاب المحال التجارية ومواقف السيارات التي تنفذها البلدية نفسها.
على مستوى الأسواق والحركة التجارية التي ليست من ضمن أولويات البلدية، كانت القطيف في فترة سابقة لديها من الأسواق المركزية المنظمة التي تباهي - نسبيًا - تلك التي في المدن الكبرى في المملكة، فكانت القطيف سابقاً مقصدا للتسوق من أكثر من مدينة قريبة، حيث أسواق النفع العام المختلفة التي بها منتجات زراعية وغير زراعية تنتج في القطيف فقط، وسوق للعقاريين وسوق آخر للذهب وسوق للحبوب وسوق الاغنام وغيرها مما يتناسب مع تلك المرحلة. أما اليوم فلم تستطع البلدية - للأسف الشديد - أن تحافظ على ذاك المستوى، وأيضا لم تستطع بالرغم من وجود القطيف بين شركة سابك وشركة أرامكو وبينها مطار الملك فهد الدولي الأقرب للقطيف من كل المدن الأخرى الاستفادة من كل هذه المقومات التي تغبط عليها، فلم يحرك كل هذا في البلدية أي مشروع أو فكرة مشروع يمكنها أن تحقق عائد للمدينة والبلدية على حد سواء.
لذا ينبغي للبلدية أيضا الا تقف متفرجة أمام كل مهمة تتطلب تنسيق فاعل مع جهة حكومية أخرى، لأنها هي محور الخدمات في المدينة وهي الراعي للخدمات في المدينة، فهي بحاجة أن تنطلق وفق رؤية تنسجم مع هذا المعنى كي تكون صاحبة مبادرااااات تعمل على تحقيقها، بدلاً من الحديث عن نجاح في زيادة رخص حفر الطرق أو تطوير لا يمكن قياسه أو حتى رؤيته، إذن فلنتوقف عن قول ”أن أداء وعمليات البلدية كلها ناحجة ولكن الناس.......“ ونبدأ العمل.
AmEEn AlsaFFar