آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 3:15 م

السبت والريح

قوانين وانظمة الملاحة البحرية الشراعية «السبت» المعتمدة على الريح جاءت ضمن سرد القصص القرءاني، وظل «الغدو والرواح» للرياح غامضا بسبب التفسير التوراتي الا عقلاني لآيات كتاب ربنا فضاعت مقاصدها!.

فبالرغم من وجود آية قرءانية تتحدث عن النظام الملاحي الشراعي وعلاقته بالريح الموسمية التي كانت سرا من أسرار الدولة الحميرية «اقليم سبأ» المطل على المحيط الهندي والتي آلت الى حكم نبي الله سليمان بعد أن ضمها «يهودا» الى دولته «اسرائيل» بعد أن هزم أعداء الملكة بلقيس، قال تعالى:

وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ «*» [ سورة الأعراف] الآية 163 التي تذم اليهود لعدم اتباعه انظمة البحر التي التزم بها الحميريون!.

جاء في معاجم اللغة الكلمة: السِّبْت. الجذر: سبت. الوزن: فِعْل. >[السِّبْت]: جلود مدبوغة بالقرظ خاصة، عن الأصمعي، وقال أبو عمرو: كل جلد مدبوغ بالقرظ وغيره سِبْتٌ. وقال أبو زيد: السِّبتُ: المدبوغ من جلود البقر خاصة، ولا يقال لغيرها: سِبت

وهذا اصل معنى الكلمة قبل أن يصنع من الجلود المدبوغة أسرة للأطفال ”سبتي“ فغلبت الراحة على الأسم ثم استعمل اسما لليوم السابع يوم الراحة والعطلة!. فالآية تتحدث عن الأشرعة القوية المصنوعة من جلد البقر المدبوغ «السبت» التي تتحمل دفع السفن الكبيرة، الحاويات «حوت» والتي تتلائم مع الرياح: وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ «*» [ سورة سبأ] الآية 12

فقد اطلع الحميريون الذين اشتهروا بأنهم سادة البحار باستعمال أشرعة قوية «السبت» المصنوعة من جلد البقر في سفنهم المبحرة في المحيط الهندي ذهابا وإيابا الى الهند والصين واحتفظوا بسر الريح فتارة تهب شهرا من الشرق الى الغرب وتارة تهب شهرا عكس ذلك، من الغرب الى الشرق. شهرا غدو أي تهب أول النهار. وشهرا رواح أي آخر النهار. وذلك في نظام متجانس بين البحر والريح والوقت اليومي والشهري، فتسير السفن مبحرة مطمئنة بأقصى قوة الريح «يعدون» لأنهم ركبوا «يسبتون» أشرعة قوية من جلد البقر «السبت» لنقل البضائع التي يتاجرون بها مع قريش ضمن الإيلافات التجارية والأمنية. وبعلم هذا النظام الملاحي الدقيق كانت سفن الحميريين تنجو وتسلم وهي تعبر المحيطات وسفن غيرهم تغرق. وقد اطلع سليمان ع على أهم أسرار الدولة الحميرية التي جعلتهم أسياد البحر وجعلتهم ركنا من أركان الإيلافات لا يمكن الإستغناء عنه، لذا كان على سليمان ع الذي دخل في الايلافات أن ينقذ مملكة الهدهد من الفوضى التي عصفت بها نتيجة العصيان المسلح الذي قام به افرادا من العائلة المالكة ضد تولي بلقيس دفة الملك!.