آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 1:35 ص

نظرة وأثر

ياسين آل خليل

كيف تنظر الى نفسك ؟ كيف تصف نظرتك الشخصية إلى العالم من حولك ، وكيف هي نظرة الناس لك ؟ في ظل هذه النظرات المختلفة ، هل تتخذ إجراءاتك بناءً على أهدافك واحتياجاتك ، أو أن الكثير من سلوكياتك مستلهمة من تلك الرؤى ومن خلاصة ما تشعر به تجاه الآخرين والبيئة المجتمعية المحيطة بك ؟

الإدراك نوعان ، الأول يتمثل في كيفية رؤيتك لنفسك وعالمك الخارجي ، أما الإدراك الآخر فيرجع الى النظرة التي يراك عليها الآخرون ومن خلال عالمهم وبيئتهم المحيطة بهم وأثر تلك البيئة على بلورة رؤيتهم لكل ما هو من حولهم. ما يهم هنا هو ما تمتلكه من تصور يجعلك تتحكم وتسيطر على ما يخرج منك من قرارات ، معتمدًا على إدراكك الشخصي لما يدور حولك ، بغض النظر عن إدراك الآخرين وترجمتهم الذاتية لكل ما يدور حولهم.

نحن كبشر تتأثر مشاعرنا وسلوكياتنا بمفهوم الناس القريبين منا ، أما الأكثر هوليودية هو افراطنا في الحساسية تجاه تصور الغرباء لنا على قلة تفاعلنا معهم وعلمنا المسبق أنهم لا يمتلكون اليد الطولى في التأثير على مجريات قراراتنا ، أو على كيفية الحياة التي نختارها لأنفسنا.

من الحماقة أن ننظر للأشياء بعين واحدة وأن نتخذ قراراتنا بناء على نظرة الآخرين لنا ، مغضين الطرف عن منظورنا الشخصي ورؤيتنا الأشياء على حقيقتها وواقعها. هذا التصرف من جانبنا يؤدي في الأخير الى انحراف مسارنا وقد لا يوصلنا الى الوجهة التي نريدها. للأسف نقوم بكل تلك الإجراءات لاستيعاب تصورات الآخرين ودون النظر الى مصالحنا الخاصة مما له من أثر سلبي على حاضر ومستقبل حياتنا.

كيف ننظر للحياة بشكل عام ؟ هل ننظر للعالم من حولنا على أنه غابة مليئة بالوحوش الكاسرة وعلينا أن نأخذ حذرنا من كل شيئ يتحرك ضمن محيط راحتنا ، أو أن الحياة هي خليط من الخير والشر وأنه علينا أن نمتلك الإدراك الكافي لنفرق بين الجيد والسيئ. الإنسان على فطرته يمكنه أن يرى الحياة على أنها سيئة ولا خير فيها ويقدم قائمة طويلة تبرر إدراكه لتلك النظرة التشاؤمية. في المقلب الآخر الشخص ذو الإدراك الجيد من الطبيعي أن تكون قائمته محتوية الكثير من النقاط الداعمة لتبرير نظرته الإيجابية للحياة.

النفس البشرية يسكنها الخير والشر على حد سواء .. ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ. لا الرؤية الذاتية للأشياء صادقة ومصيبة في جميع الأوقات ، ولا نظرة الآخرين هي على خطأ دائم. خلاصة القول ، علينا أن نطور من إدراكنا وفهمنا للناس والأشياء قبل أن نحكم عليها بالسلب أو الإيجاب وأن نختار لأنفسنا ما يصلحها. النفس خلقت لتتخذ من كلا المسارين طريقا .. ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. الخيار الأول والأخير لك أيها الإنسان في أن تحدد خياراتك و تختار وجهتك.