آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

جوانب مشرقة من سيرة فاطمة الزهراء

رضي منصور العسيف *

من يقرأ سيرة فاطمة الزهراء يجدها آية في الكمال، والطهر والعفاف، وقمة من الفضائل والأخلاق العظيمة، ومدرسة نموذجية في التربية، وحياة مليئة بالمواقف البطولية وتحمل المسؤولية.

وفي سيرتها الكثير من الجوانب المشرقة التي تعد بمثابة خير قدوة للرجال والنساء ومن هذه الجوانب المشرقة نذكر:

السمو الروحي

الإيمان بالله هو مصدر سعادة الإنسان، ومن يملأ قلبه بهذا الإيمان فإنه يعيش حالة من الاطمئنان والسعادة يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُالرعد «28»

وهكذا هي فاطمة الزهراء فقد كانت تعيش حالة من العشق والسمو الروحي، وقد ملئت كيانها بحب الله وطاعته، وقد شهد الرسول ﷺ لها قائلاً: ”إنّ ابنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها إيماناً إلى مشاشها ففرغت لطاعة الله“ [1] .

وهذا درس عظيم علينا أن نعيه جيداً فما نعيشه من قلق وأمراض نفسية إنما يعود سببه إلى ضعف الحالة الإيمانية عندنا، لذلك علينا أن نعيد علاقتنا بالله تعالى ونقترب إلى هذه الساحة الربانية ببعض الأعمال الروحية لتكون علاجًا وبلسمًا لما نعانيه من متاعب نفسية.

العلاقة المميزة بالوالدين

يحتاج الوالدين إلى العطف والرعاية والحنان في جميع الأوقات، وعندما تشتد الظروف وتتأزم الحياة ويبلغا من العمر عتيا فإنهما يكونا في أشد الحاجة إلى هذا العطف.

وهذا ما تجلى في سيرة الزهراء فقد استطاعت أن تسدّ الفراغ العاطفي الذي كان يعيشه الرسول ﷺ بعد أن فقد أبويه في أول حياته وفقد زوجته الكريمة خديجة الكبرى في أقسى ظروف الدعوة والجهاد في سبيل الله.

وكانت المصدر العاطفي الذي ساعد الرسول الأكرم في تحمّل الأعباء الرسالية الكبرى. ومن هنا نفهم السرّ في ما تكرّر على لسانه ﷺ من أنّ «فاطمة أُم أبيها».

فلا تجعل علاقتك بوالديك علاقة «جافة» بل كن لهما محسنًا عطوفًا في كلماتك ونظراتك لهما، كن لهم مبعثاً للسعادة، وهذا هو معنى بر الوالدين حقًا.

الزوجة مصدر السعادة

روي عن رسول الله ﷺ: ”من سعادةالمرء الزوجة الصالحة“ [2] 

إنّ السعادة شعورٌ مرتبطٌ بالراحة، والاطمئنان، والسكون الداخلي لنفس الإنسان، يقول تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ «الروم: 21»

وقد تجلى هذا الأمر في بيت فاطمة الزهراء فقد كانت تشجّع زوجها، وتمتدح شجاعته وتضحيته، حتى قال الإمام عليّ : ”ولقد كنت أنظر اليها فتنجلي عنّي الغموم والأحزان بنظرتي إليها“ [3] .

وهكذا هي الزوجة الصالحة التي تدفع بزوجها نحو السعادة والنجاح.

مدرسة التربية الناجحة

كانت فاطمة الزهراء المدرسة التربوية الناجحة التي غرست مفاهيم الإيثار والتضحية في نفوس أبناءها وقد خلد لها القرآن هذا الموقف في سورة الإنسان.

كما أنها علمتنا أهم الدروس في التربية الإيجابية فقد كانت تربي في نفوسهم حب الآخرين والخروج من حب الأنا بقولها: ”يا بني الجار ثم الدار“.

إضافة إلى تربية العطاء والتمسك بالقيم والصمود وتحمل المسؤولية في سبيل «الهدف» بقاء راية الإسلام عالية على مر الأزمان.

ومن يقرأ سيرة الإمام الحسن والحسين وزينب سيجد هذا جليا.

لذلك علينا أن نقرأ الزهراء فكراً وقدوة حية تسهم في معالجة أمراضنا الاجتماعية والروحية والفكرية ايضاً.

[1]  أعلام الهداية، فاطمة الزهراء

[2]  المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج18، ص 204.

[3]  أعلام الهداية، فاطمة الزهراء
كاتب وأخصائي تغذية- القطيف