أول سفيرة سعودية.. بوابة العصر الذهبي للمرأة
تشهد أوضاع المرأة في المملكة تطورا متسارعا في السنوات الأخيرة. على نحو بات من السهولة وصف عملية التغيير هذه بالتاريخية، وقد جاء تعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبد العزيز كأول سفيرة سعودية باعتباره إنجازا تاريخيا للوطن تفخر به كل مواطنة، فهو يعكس ثقة قيادة المملكة العربية السعودية في المرأة وفي أهمية دورها.
ان تعيين الأميرة لكونها إمرأة أولا فإن هذا يعد مكسبا يضاف لحزمة الإستحقاقات التي حازت عليها المرأة السعودية. فما كان ممنوعا على النساء في حقب ماضية بات متاحا أمامهن الآن، وهذا يبشر بمسيرة واعدة، وكل ما تحقق يعد انتصار ا للمرأة واعترافا بأهميتها. وسمو الأميرة جديرة بهذه الثقة فهي شابة طموحة وصاحبة شخصية قوية، حاصلة على دراسات أكاديمية وتمتلك خبرات إدارية واسعة، ولديها مبادرات وانشطة إجتماعية وشغلت مناصب قيادية متعددة آخرها تعيينها وكيلة للشؤون النسائية في هيئة الرياضة وصنفت ضمن أقوى 200 سيدة عربية الى ان تم تعيينها سفيرة في الولايات المتحدة. وعلاوة على ذلك تأتي الكفاءة باعتبارها الطريق الذي أوصلها الى تلك المناصب مادام أن هناك إرادة سياسية وإقتناع تام بأن المرأة قادرة ومؤهلة لذلك، فلا مانع في أن تكون المرأة السعودية سفيرة وحتى وزيرة في إحدى الوزارات السيادية.
ويأتي تعيين سمو الأميرة للتأكيد على حق المواطنة، والتعامل بمبدأ الشراكة الإجتماعية وخلق بيئة تتسم بالمساواة والتأكيد على الحقوق المتساوية بين الجنسين، نظرا للدور الهام الذي تمارسه المرأة في الحياة العامة، حيث تميزت الكثير من السيدات في مجال أداء الأعمال بهمة ومثابرة عالية أثبتن جدارتهن وكفائتهن في مختلف مواقع المسؤولية، بدليل أننا نشهد حاليا العديد من السيدات في المناصب القيادية والإدارية العلمية والعملية.
لاشك أن هذا القرار يعكس توجه القيادة السعودية وحرصها على تمكين المرأة وإعطاءها الفرصة كاملة للمساهمة الفاعلة في مدخلات ومخرجات عملية التنمية وبناء الوطن. وذلك من خلال تغيير الصورة النمطية المتوارثة لدور المرأة وإعادة توزيع الأدوار بين المرأة والرجل في المجتمع من منطلق مفهوم المشاركة والعدالة الإجتماعية، فالمملكة صادقت على اتفاقيات الأمم المتحدة الداعمة لحقوق المرأة وتسعى لمنح المرأة جميع حقوقها دون أي إقصاء أو تفرقة، ومناهضة العنف ضدها والقضاء على كافة أشكال التمييز القائم على النوع الإجتماعي، وتذليل العقبات في سبيل ذلك. كما تعمل على تعزيز دور المرأة ضمن استراتيجية التنمية المستدامة ورؤية المملكة لعام 2030 وتوفير كافة فرص التميز والتمكين لتحقيق كا ماتهدف إليه عبر هذه الرؤية، والتي ترتكز في محاورها الرئيسية على ”مجتمع حيوي، إقتصاد مزهر، ووطن طموح“ يؤكد على الإستفادة من المرأة كعنصر قوة، وإن إستثمار مواهبها وطاقاتها يحقق الأهداف والتطلعات التي يصبو لها الوطن. المرأة اليوم تعيش عصرا ذهبيا من التألق لما توفر لها من فرص متقدمة في ظل السعودية الجديدة والذي من شأنه يتيح لها توسيع إطار حراكها ونشاطها في مختلف المجالات والحقول السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية ويدفعها تجاه الرقي والتقدم.
إن مستقبل تولي الكفاءات النسائية المناصب العليا في مواقع القرار يدعو للتفائل، وإن حصول المرأة على الفرص المناسبة يشكل دعامة رئيسية للتنمية والبناء، لاسيما التركيز على النماذج المتميزة ذلك لأهمية وجود المرأة القدوة تشجيعا للسيدات السعوديات، وتدعيما لقدرات المرأة القيادية.
وأخيرا، في الوقت الذي تحقق فيه المرأة السعودية نقلات نوعية بإنجازاتها، وتنال فيه حقوقها، وآخرها تعيين الأميرة ريما سفيرة لدى الولايات المتحدة، لا تنفك بعض الأبواق العدائية الداخلية عن الاصطياد في الماء العكر ورفض وجود المرأة في الحياة العامة، بل وتشن هجومها المتواصل على دور المرأة، وتفتعل الإثارات ضدها. لكن بوعي المجتمع وقوة المرأة ذاتها وثقتها بنفسها وقدراتها وتحملها المسؤولية يجعلها قادرة على تجاوز التحديات.
نبارك لسمو الأميرة هذا المنصب الدبلوماسي الرفيع وهذا التمكين الحقيقي الذي تفخر به المرأة السعودية.