آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

رحيل الفنانة التشكيلية منيرة الموصلي

نجيب الخنيزي

فجع الوسط الثقافي والإبداعي في السعودية والعالم العربي، وكل معارف وأصدقاء الفنانة التشكيلية القديرة منيرة الموصلي برحيلها المفاجئ عن عالمنا في مدينة جدة، وذلك إثر مرض عضال ألم بها عن عمر ناهز الرابعة والستين.

الفنانة منيرة موصلي تعد بجدارة من رواد الفن التشكيلي في السعودية، اذ نظمت في عام 1968 مع زميلتها صفية بن زقر أول معرض تشكيلي في مدرسة دار التربية الحديثة، كما قدمت الكثير من المشاركات من خلال المعارض الفردية والمشتركة في السعودية والدول العربية والعالم، وكما القت الفنانة العديد من المحاضرات والدورات الفنية.

يستحضرني هنا العديد من الدورات «بدون مقابل مادي» الفنية التي نظمتها في محافظة القطيف للتلميذات الصغار وكان من بينهن أبنتي نداء.

تعتبر الفنانة موصلي واحدة من المبدعات القلائل في المملكة التي أعلنت بوضوح انحيازها لمشروع التقدم والاستنارة والحداثة في بلادنا، كما استحضرت في أعمالها التشكيلية الصيغ الجمالية للتراث الحضاري المحلي والعربي والإنساني، وجسدت في أعمالها الفنية ووممارستها النضالية، تبنيها النبيل والصلب والثابت للقضايا الحقوقية بوجه عام ولحقوق المرأة بوجه خاص، وكذلك وقوفها المبدئي في خندق البسطاء والكادحين، كما كانت منافحة بقوة عن المصالح والأهداف القومية العربية الكبرى، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

ولدت منيرة موصلي في مكة المكرمة عام 1954م وتخرجت من كلية الفنون الجميلة في القاهرة عام 1974م ثم واصلت دراستها في الولايات المتحدة الأمريكية حيث حصلت على دبلوم في فن التصميم عام 1979م والتحقت في العام نفسه بالعمل في شركة أرامكو السعودية كمسؤولة عن المطبوعات في إدارة العلاقات العامة حتى تقاعدها المبكر.

تعود معرفتي بالصديقة الراحلة الى مطلع الثمانيات من القرن المنصرم، وهي المرحلة التي شهدت بلادنا بداية فترة عصيبة وكالحة، تحت مظلة ما سمي زورا «الصحوة» حيث سعى الإسلام السياسي «على اختلاف منابعه المذهبية والأيدلوجية» إلى مصادرة وتسطيح المجتمع والفكر والثقافة والإبداع وفقا لقوالب أيدلوجية وفكرية جامدة ومتحجرة، وجرى توظيف الدين خدمة لأغراض سياسية نفعية وذاتية في المقام الأول.

عزائي الحار لعائلة الفقيدة الغالية ولكل أصدقائها ومحبيها الكثر في الوطن والعالم العربي.

وستظل الذكرى العطرة للفقيدة الراحلة راسخة في الذاكرة والوجدان.