لا أثق فيمن يحدثني عن الناس
قال تعالى: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ»
معظم المشاكل التي تقع بين الاخوة والاحبة والاصدقاء تقع بسبب نقل الكلام بين الناس، قال تعالى:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ»،
إن اللسان أداة للتعبير والتواصل، فبه نقول أطيب الكلام، لكن قد يكون هذا اللسان أداة للفتن والكلام السيء والكذب والنفاق والغيبة والنميمة عند بعض الناس، فلا يزال نقل كلام الناس بعضهم عن بعض من أعظم أسباب قطع الروابط وإيقاد نيران الحقد والعداوة بين بعضهم البعض، قاتل الله النميمة والنمامين، فالنميمة أسوأ صفة في الإنسان، والنمامين أسوأ خلق الله،
كل هذه المشاكل والفتن والنزاعات التي تحصل بين الناس سواء في البيت أو الشارع أو الملعب تحصل بسبب بغض بعضهم بعضاً وبسبب الحسد والتناجش وبسبب الغيرة.
أيها العاقل الحكيم لايستولي عليك الشيطان واعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلامًا ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه؛ لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، وذلك كثير في العادة، والسلامة لا يعدلها شيء.
وكثر في المجتمع النميمة التي اصبحت آفة فهو:
خلق ذميم لأنه باعث للفتن وقامع للصلات وزارع للحقد ومفرق الجماعات، يجعل الصديقين عدوين، والأخوين أجنبيين، والزوجين متنافرين، فهذه المصيبة أي مصيبة النميمة لايرضاها لنفسه إلا من انحطت قيمته ودنؤت نفسه وكان عندها حقيراً، وصار كالذباب ينقل الجراثيم، وأما من كان يشعر بنفسه وله خوف من ربه فلا يرضى لها هذه الحالة.
النميمة حرام بجميع أنواعها وصورها، وإن من أشد صورها خطراُ تخبيب الزوج على زوجته والعكس أي السعي في إفساد العلاقة بينهما، ولا يخفى ما يحدث بسبب هذه النميمة من التباغض والكره بين الزوجين الى أن يصل الأمر إلى الفصل والطلاق بينهما غالباً.
ماذا نفعل اذا سمعنا أشخاص يسعون في النميمة؟
عدم الجلوس معهم؛ لقول الله سبحانه وتعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.
وقوله عز وجل: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ.
وقول النبي ﷺ وصحبه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.
فتعلمت ألا أثق فيمن يحدثني عن الناس
لأنه سيحدث الناس عني يومًا ما.!
فالمسلم الصادق له وجه واحد حيثما كان وله لسان واحد لا ينطق إلا بما يرضي ربه عز وجل. ولنسأل الله سبحانه وتعالى الذي انعم علينا نعمة اللسان وهو من النعم التي لا تعد ولا تحصى وبنعمة اللسان يدخل الأنسان الإسلام بنطقه لفظ الشهادتين، وبه ندخل الجنة التي حرمها الله على الفتانين، المشائين بالنميمة.