عبدالرزاق إبراهيم شاب سعودي خرج من تجربة الإدمان منتصرا، ولم يكن الأمر سهلا، فقد تركه وعاد إليه مجددا، ويعترف بأنه لم يكن ضحية سوى لقراراته الخاصة، وبعد تعرّضه لحادث أعاد حساباته، ليتضح له الطريق ويعزم على عدم العودة إليه أبدا.
وفي حواره مع جهينة الإخبارية يكشف عن سبب لجوءه للإدمان، إيجابياته الوهمية وسلبياته، ويقدم رؤيته ونصيحته..
كم كان عمرك حين لجأت للتعاطي، ومانوع المخدرات التي تعاطيتها؟
كنت في الرابعة عشر من عمري حين بدأت التعاطي، واستخدمت حبوب الكبتاجون لمنحي النشاط والقوة حتى اعتمدت عليها، ثم انتقلت للحشيش، وبعد أن اعتدته بحثت عما بعده.
برأيك ما الظروف التي تدفع للتعاطي، هل هو الإحباط والفشل الدراسي، أو الرغبة في التسلية وإثبات الذات، أوتأثير الأصدقاء، أو الحالة النفسية السيئة، حدّثنا عن ذلك من خلال تجربتك؟
تتولّد الدوافع من هذه الأسباب وغيرها، ومنها ضعف الوازع الديني، وفي حالتي كان لظروف نشأتي يد في ذلك، ومنها نوع الأصدقاء في الحارة، وظروف يتمي حيث فقدت والدي وأنا في الصف الثاني الإبتدائي وشعوري بالضغط للحماية الزائدة من الأهل خاصة وأني ”آخر العنقود“، ولم أشأ لأحد أن يأخذ مكان أبي في ذلك، وكنت وأصدقائي ننظر بإعجاب لمن يستطيع اختراق القوانين، فتقرّبنا لمجموعاتهم وهكذا بدأت الحكاية.
ما إيجابيات التعاطي، وهل حقق النتائج المرغوبة، وهل كانت دائمة؟
ليس للتعاطي أي إيجابيات سوى ما يخلقه من الوهم واللذة المؤقتة، ففي البداية ترى طريقا ورديا وأنك قادر على حل أي مشكلة تصادفك، وأنك ”كنج“ اللحظة بينما الواقع شيء آخر، إذ تكتشف أن كل حلولك كانت وهمية وأن ما قمت به خطأ كبير وأنك ”جايب العيد“، وتفتقد للرفقة الصالحة، وثقة المجتمع الذي لا يثق بمن يلجأ للمخدر في حل مشاكله ونسيانها.
كيف أثّر التعاطي على حياتك الدراسية، والمهنية، والصحية، والمادية، وفي علاقاتك الأسرية، وغيرها؟
أثّر التعاطي على دراستي في شعوري بالبداية أني متحكّم بالمادة، ثم شعوري أن لالزوم لها، وأنّها تعطّل ”جوّي“، فأخذت وقف قيد من الكلية التقنية ولم يبقى على تخرجي منها سوى شهرين، وأستطيع وصف أثرها في صحتي ”بالجبنة التي تبشرها ولا تنتبه بنقصها حتى تنتهي منها لتكتشف أن صحتك قد ذهبت معها“.
وفي الناحية المادية تحوّلت من مجرّد مشتري إلى مروج، فلم أستقر في وظيفتي كمدير شؤون الموظفين في أحد الشركات المعروفة، واحتجت للمادة لتوفير المخدر، وفي صعيد العلاقات خسرت كثيرا، فإخواني جميعهم جامعيين، وكم كانت لحظة صعبة حين سألني إبن أخي الصغير يوما هل صلّيت؟ ولم أستطع الذهاب لصلاة الجماعة وأنا على هذه الحال، أستطيع القول خسرت ثقة الأهل والأصدقاء الطيبين، بالإضافة إلى عزلتي عنهم وكرهي لهم لشعوري أن الجميع يريد بي السوء، واقتصرت دائرة معارفي على من ”يطبّل“ لي لعرض مالديّ من أمور خاصة بالإدمان.
مالذي دفعك لقرار التوقّف عن التعاطي، ومامدى صعوبة تنفيذه؟
قرار التوقّف عن التعاطي ليس سهلاً، فقد جرّبت العلاج بمستشفى الأمل منذ أربع سنوات وانقطعت عن المخدر لمدة شهر، إلا أن عدم قطع الروابط بشلًة الإدمان ومهما تبلغ قوّتك وجبروتك فلن تستطيع مقاومة العودة إليه وهذا ما حدث معي، حتى تعرّضت لحادث أفقدني الوعي لأشهر وخضعت لعدة عمليات؛ أستطيع القول بأنها كانت فرصة ربّانية لإعادتي للصواب، حيث فقدت الذاكرة، وبعد استعادتها قارنت بين حياة الأمس واليوم، وعرفت أن لاطريق يتوسّط بين الطريق الصالح والطالح فكان لابد أن أختار أحدهما.
كم دامت مدة توقّفك عن المخدر، وهل احتجت إلى مساعدة من أحد، أو استشارة مختصّة؟
توقفت عن التعاطي منذ أكثر من سنة، وفيما يختصّ بالإستشارة فلدينا للأسف اعتقاد خاطيء أن طلب المساعدة من المستشفى يدلّ على النقص، ومن خلال تجربتي مع المستشفى كانوا متفهّمين، ولهم دور توجيهي تبصيري، ويأملون بمبادرات الشباب للعلاج من الإدمان.
كيف وجدت أثر التوقّف عن التعاطي على حياتك، وهل كانت هناك بدائل مخفّفة؟
بعد قرار التوقّف عن التعاطي توقّفت مع نفسي، وواجهتها بحقيقة أن كل ما وقع لي كان من اختياري، فأنا الملام الوحيد ولست الضحية، وتذكرت قول والدي ان التدخين هو سيجارة إبليس، وهو مايجلب لك أصحاب السوء، وحاولت تحديد نقاط ضعفي الشخصية، وطرح بعض الأسئلة عليها مثل لماذا أكره العالم، لماذا أنا غير إجتماعي، لم لا أصدق مع نفسي، لم أكذب عليها بخلق الأعذار لمواصلة التعاطي وغير ها، كما علمت أن أغلب من في الشلة كان مصيره الوفاة بحادث نتيجة التعاطي، أو لركوبه مع متعاطي، أومطرود من العمل..
هل التحقت بأحد البرامج المختصّة لمنع حدوث الانتكاسة؟
بعد الحادث شعرت أن الطريق واضح لي، فلا طريق في المنتصف بين الصلاح وضدّه، وكان سبب إخفاقي بعد تلقي العلاج في الماضي هو العودة للشلة، فقررت ألا أكون ضعيفا في تنفيذ هذا القرار، فاستعدت ثقتي بنفسي وحظيت باحتضان العائلة، فلا أريد أن أكون قويا في شلّتي وأضعف مما أتصور بين أسرتي ومجتمعي والحمدلله أعانني ربي على ذلك وقدرت.
ما الوسائل التي يستخدمها المروجون لترغيب الشباب للإنخراط في هذا الطريق؟
المروّجون هم أنفسهم ضحايا للحاجة وللمصدر الحقيقي للمخدر من الأجانب، وبالنسبة للوسائل فمتعددة وتعتمد في حقيقتها على رضى الشخص بعبودية المادة.
بماذا تنصح الشباب حتى لا ينساقوا لمثل هذا الطريق، والشباب الذي لايزال يتعاطى؟
نصيحتي خاصة في هذا الوقت ومانحن مقبلين عليه من انفتاح ولست أعني عدم وجود الأمن أو الدين، ولكن الحرية الشخصية وماتتخذه من قرارات لن يتحمّلها أحد عنك، فبكلها ستعيش ولكن بأي شكل تريد ذلك، وهل ترضى لإبنك أن يكون مثلك في هذا المصير، فلا تنخدع بالمخدر، او تتخذه حلا لتجاوز الإحباط والصدمات، فالحل الحقيقي يكمن في المواجهة، فالإبتلاء مقدّر من الله لنخرج منه أقوى، واختيار المخدّر يعني اختيار الضعف، فاصدق مع نفسك وتوكّل على الله وستقدر ﴿قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله﴾ فليس العيب في ارتكاب الخطأ بل الإستمرار عليه، ونصيحتي للأهل بعدم فقد الثقة بأبنائهم ففي داخلهم الخير، وما إن يستوعبوا خطأهم سيمتنعوا عنه.
التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 3
1
ضياء حسين
[ القطيف ]: 11 / 1 / 2019م - 3:25 م
الله يدفع البلاء ويصلح الشباب الي تعرضوللمخدرات والإدمان هذا كله من
عدم الوازع الديني ومرافقة اصدقاء
السوء لكن ويش يفيدالندم بعدفوات
الأوان والشارع الي ينخفرويترقع بعد
الحفريات مايرجع زي اول لكن يقول
الله يصلح كل فاسد من امورالمؤمنين
والله يهدي كل عاصي الي سواء السبيل