المعلم... بَعْثُ النجاح
روي عن الإمام الباقر أنه قال: «معلم الخير يستغفر له دواب الأرض وحيتان البحور وكل صغيرة وكبيرة في أرض الله وسمائه» [1] .
جاء في رسالة الحقوق عن الإمام علي بن الحسين عليهما السلام أنه قال: «وأما حق سائسك بالعلم فالتعظيم له..»
«سائسك بالعلم» تعني المعلم الناجح الذي يدير عملية التعليم إدارة ناجحة، المعلم الناجح ”الذي يتتبع التلميذ ويتعرف على ظروفه وحالته ليتأكد من الطريقة أو الطرق المثلى التي تمكن التلميذ من التعلم والاستيعاب“
المعلم الناجح هو ذلك الشخص الذي سخر علمه ومهاراته لأجل رسم معالم شخصية الطالب لذلك تجده لا يكتفي بالتعليم الأكاديمي بل يكون كالبحر الزاخر الذي ينهل منه الطلاب علمهم فيرتقون بأنفسهم ويزدادون علماً على علم وخُلُقاً على خُلُق ويرتقون في سلم النجاح.
وهذا ما نلاحظه من بعض الأخوة المعلمين خلال مسيرتهم العملية فهم يمارسون هذه المهمة بكل أمانة ويبدعون في مهمتهم «التدريس» ويستخدمون أفضل الوسائل التعلمية بحيث تكون حصتهم حصة علمية ممتعة.
للمعلم الناجح مجموعة من قواعد النجاح يوظفها لبناء طلاب ناجحين في مسيرتهم الحياتية بدءاً من التفوق المدرسي إلى القيادة وممارس الدور الريادي في المجتمع. أذكر منها:
روي عن الإمام علي أنه قال: «وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شئ قبلته» [2] .
يتمتع أطفالنا بالعديد من المواهب ولكنها تحتاج إلى اكتشاف مبكر والعمل على تنميتها وتطوريها، لذلك تجد المعلم الناجح يستكشف المواهب الفردية للطلاب ويعمل على تطويرها ووضعها في المكان الصحيح.
والمعلم الفطن هو الذي يلاحظ تفوق الطالب وتميزه في المواد الدراسية ومن ثم تشجيعه ليكون أكثر إبداعاً وتفوقاً من خلال المشاركة في المسابقات العلمية وغيرها.
المعلم الناجح هو الذي يخلق في ذات الطالب قيمة حب العلم لأن ”العلم حياة“ كما ورد عن الإمام علي وقوله: «إن العلم حياة القلوب ونور الأبصار من العمى وقوة الأبدان من الضعف ”. وعنه :“ اكتسبوا العلم يكسبكم الحياة» [3] .
وعندما يعي الطالب هذه القيمة وتترسخ في ذاته فإنه يجد ويجتهد في طلب العلم ويكون أكثر دافعية وفاعلية وانضباطاً في التحصيل العلمي. وعندما يحب الطالب العلم حباً جماً فإنه يبدع أيما إبداع.
قال تعالى: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ طه/114 وقال تعالى: ﴿وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ الإسراء / 85
هذه الآيات تحثنا على التطلع والطموح في طلب العلم فمجال العلم واسعٌ لا يحده حدود كما أنها دعوةٌ واضحة لمواصَلة البحث والتعلم، يقول الإمام علي : ”العالم من لا يشبع من العلم ولا يتشبع به“ [4] . وكلما ازددنا علمًا ازددنا تقدُّمًا وازدهارًا.
وهذا ما يفعله المعلم الناجح حيث أنه يدفع بطلابه نحو آفاق العلم، ويشجعهم على اكتساب المعارف يوماً بعد آخر دون الاكتفاء بالمعلومات المقدمة في المناهج. وعندما تنمو هذه الصفة في ذات الطالب فإنه يتجاوز المرحلة الدراسية الحالية إلى أخرى أكثر تقدماً.
قال تعالى: ﴿يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾ مريم / 12
لا يتحقق النجاح دون العمل وكلما كان العمل بفاعلية فإنه يكون أكثر نجاحاً وهكذا في المسيرة التعليمية نجد «القوة» في طلب العلم وهي تعني عدم التهاون أو التكاسل في التحصيل العلمي كما أنها تعني الاستمرارية بنفس الفاعلية دون الإصابة بالملل أو الكسل.
وهكذا يمارس المعلم الناجح دور المحفز الذي يخرج الطالب إلى عالم الفاعلية والتفاعل مع المعلومات وتحويلها إلى واقع عملي.
وهناك قواعد أخرى أدعها لمناسبة أخرى، في الختام يقول ويليام آرثر وارد: المعلم المتواضع يخبرنا، والجيد يشرح لنا، والمتميز يبرهن لنا، أما المعلم العظيم فهو الذي يلهمنا.
تحية شكر وتقدير لكل معلم ناجح يأخذ بيد أبناءنا إلى قمم النجاح.