آخر تحديث: 21 / 12 / 2024م - 5:28 م

الشباب والأعمال التطوعية

جواد المعراج

يعتبر الشباب المحرك الرئيسي للإنجاز والتقدم في المجتمعات الحاضرة بشتى أنواعها؛ فلو قام الشباب بتعزيز ثقتهم بأنفسهم واكتشاف مواهبهم وقدراتهم؛ فبذلك يتحملون مسؤوليات كبيرة ويتولون أدواراً قيادية تساهم في التقدم الشبابي؛ ويكون لديهم الفداء والحب لمجتمعهم.

وقد روي عن الإمام علي «عليه الصلاة والسلام»: «افعلوا الخير ما استطعتم فخير من الخير فاعله.»، وعنه عليه الصلاة والسلام قال: «افعلوا الخير ولا تحقروا منه شيئاً فإن صغيره كبير وقليله كثير».

وعندما يقوم الشباب بأعمال الخير والتطوع في خدمة قضايا المجتمع فإنهم بذلك يساهمون في تطوير المجتمع وتقدمه والنهوض به.

ومن أعمال التطوع المبادرة إلى حل مشاكل وقضايا الشباب، وحثهم على الثقافة وفعل السلوكيات الصحيحة، قال الإمام علي «عليه الصلاة والسلام»: «أفْضَلُ النّاسِ أنْفَعُهُمْ لِلنّاسِ».

وهناك مقولة عن الشباب يقولها أحد العلماء وهي: إن الشباب هم رجال الغد، وآباء المستقبل، وعليهم مهمة تربية الأجيال القادمة، وإليهم تؤول قيادة الأمة في جميع مجالاتها. وإن الشباب أيضا قوة الأمة وعماد نهضتها، وهم ذخرها الثمين وأساسها المتين، وعزهم عزنا وخسارتهم خسارتنا.

وهناك أيضا أعمال أخرى تساهم في العمل التطوعي عند الشباب؛ كالعمل باللجان الشبابية الاجتماعية، والجمعيات الخيرية والنوادي الرياضية، وإلقاء المحاضرات الثقافية والاجتماعية، والتوعوية الشبابية.

قال الإمام الصادق «عليه الصلاة والسلام»: «بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة».

وأيضا البرامج والدورات الثقافية والكتابة التي تقام بالمساجد والحسينيات أو الديوانيات؛ والتي هدفها تشجيع الشباب على التعاون والعمل التطوعي بما يساهم في التقدم الاجتماعي والشبابي.

وأما لو أن الشباب لم يتعاونوا على العمل التطوعي؛ فبذلك يصبح الشباب متدنين بمستوى التطور الفكري والتعاوني والاجتماعي؛ فلذلك يجب أن يكون شبابنا متعاونا ومتقدما، وراقيا بالفكر والثقافة ومتحضرا؛ حتى نطور من أنفسنا ونعيش حياة النشاط والسعادة الاجتماعية والنفسية. قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات: 10]. وأيضا قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة: 71].

بدلاً من الشقاء النفسي الذي يعيشه بعض أفراد شبابنا؛ فمثل هذه الأمور التشجيعية؛ تساعد وتحفز الشباب وتوصلهم للنشاط النفسي والمعنوي والتطوعي.

والعمل التطوعي يحفز ويشجع الشباب على استخدام وسائل الإعلام لهدف مفيد، واستغلال أوقات الفراغ عند الشباب للتطوير من أنفسهم وتنمية شخصياتهم، وتحريك روحهم المعنوية. فالشباب عندما ينخرطوا في الأعمال التطوعية والاجتماعية فإنهم يكتسبون مهارات جديدة ويتخلصوا من الروتين والفراغ الممل.

وبالتالي يبدأون بالقراءة والتثقف والاطلاع على الأشياء الجديدة والبحث المعرفي والبحث الثقافي في الإنترنت بكثرة وتعمق، والتخطيط لأهداف معينة في الحياة تجعلهم يتفوقون وينجحون في الحياة المستقبلية والاجتماعية.

قال النبي محمد ﷺ: «”احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولاتعجز“». وقال الإمام الصادق «عليه الصلاة والسلام»: «كثرة النظر في العلم يفتح العقل.».

وإذا تعود الشباب على الذهاب إلى الأنشطة والمجالس الثقافية فإنهم سيحتكون ويتعرفون على أشخاص مثقفين وعلماء ومشايخ؛ فبذلك يستفيدون من نقاشاتهم وأفكارهم وثقافتهم ومعارفهم وطريقة تفكيرهم وأسلوبهم؛ فبهذا الأمر يجعل الشباب يتطورن ويتقدمون باستمرار في مسيرة حياتهم المستقبلية.

قال رسول الله ﷺ: «مجالسة العلماء عبادة». وقال لقمان الحكيم لابنه: «“يا بني؛ جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك، فإن الله عزَّ وجلّ يحيي القلوب بنور الحكمة، كما يحيي الأرض بوابل السماء”.».

وإن الشباب أيضا إذا عودوا أنفسهم على التطوع بنشر الثقافة والعلم وحث الشباب على فعل الأعمال والأشياء النافعة، وتشجيع الشباب على التعاون والسعي على الإصلاح بين الناس وحل مشاكل المجتمع.

فإن الله سبحانه وتعالى يجزيهم الأجر والثواب، والتوفيق في الحياة المستقبلية والسعادة في الدنيا والآخرة؛ وذلك على قدر العطاء والخدمة التي يقدمونها. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ. سورة آل عمران أية «104».

من فوائد الأعمال التطوعية عند فئة الشباب: تنمية القيم الروحانية، خلق الأجواء الإيجابية عند أفراد المجتمع، ملء الفراغ العاطفي والنفسي، تحفيز الدافعية الإيجابية، الإحساس بالإنجاز والقيمة النفسية والحياتية، اكتساب مهارات قياديةجديدة.

يقول أحد العلماء: إن فترة الشباب هي المرحلة التي يتمتع فيها الإنسان بكامل قواه الجسدية، فهو قد تعدى مرحلة الصعود «الطفولة» ولم يبدأ مرحلة الانحدار «الشيخوخة». وعن الإمام علي «عليه الصلاة والسلام»:”بادر شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك“.

ويحبذ على الشباب، وخصوصا على فئة المراهقين أن يعودوا أنفسهم على ثقافة العمل التطوعي؛ بدلا من الانشغال بالأفكار المقلقة والأمور غير النافعة لتنمية الفكر وتعزيز الثقة بالنفس وتقوية الإرادة والعزيمة.

فإن للحماس الفكري والمعنوي دورا مهما في تنمية شخصية الشباب.

قال الإمام علي «عليه الصلاة والسلام»: «الْعِلْمُ وِرَاثَهٌ كَرِيمَةٌ، وَالْأَدَبُ حُلَلٌ مُجَدَّدَةٌ، وَالْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِيَةٌ». وقال أمير المؤمنين «عليه الصلاة والسلام»: «يا مؤمن إن هذا العلم والادب ثمن نفسك فاجتهد في تعلمهما، فما يزيد من علمك وأدبك يزيد في ثمنك وقدرك...».

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
عباس سالم
[ جزيرة تاروت ]: 6 / 1 / 2019م - 10:08 م
أحسنت عزيزي جواد، مقال رائع يحاكي العزوف الواضح للجيل الجديد عن العمل التطوعي.