آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 9:28 م

المسكن الاقتصادي في رؤية 2030

يهدف برنامج الاسكان التابع لبرنامج تحقيق رؤية المملكة 2030، لتقديم حلول تمكن الأسر السعودية من تملك المنازل المناسبة وفق الاحتياج والقدرة المادية وذلك من خلال توفير حلول تمويلية مدعومة مع زيادة العرض للوحدات السكنية بأسعار مناسبة، كما ينص على تنفيذ برامج متخصصة لإسكان الفئات الاكثر احتياجاً في المجتمع.

وقد حدد برنامج الاسكان عدة مؤشرات، منها نسبة تملك المنازل بين المواطنين، وهو استهداف نسبة التملك 60% في عام 2020م حيث بلغ خط الاساس في عام 2016م، 50%، والمؤشر الثاني الاكثر أهمية هو استهداف متوسط سعر الوحدة الى خمسة اضعاف دخل الفرد السنوي، حيث بلغ المتوسط في عام 2015م الى 9,90 ضعف مما يستدعي ايجاد حلول فنية تتعلق بتطوير تقنيات البناء لتخفيض اسعار بناء المساكن وجعلها في متناول شريحة واسعة من المواطنين.

وبذا انطلقت محفظة من المبادرات قادتها وزارة الاسكان وغيرها بين القطاعات لتحقيق هذه الرؤية وما يهمنا في هذا المقام تلك المبادرات الرامية الى ايجاد مسكن ملائم واقتصادي لعموم المواطنين عبر تطوير تقنيات البناء، وتطبيق افضل الممارسات والمعاييرعالية الكفاءة وتقليل مدة المشاريع وتخفيض تكاليف البناء، وتنظيم شراكات بين الموردين والمطورين، والحفاظ على الجودة والتنمية المستدامة لقطاع البناء عن طريق تطبيق آليات واجراءات لضمان مراقبة جودة البناء والمساهمة في رفع كفاءة استهلاك الطاقة والمياه، مع تنظيم قطاع البناء عبر مبادرة طموحة لإنشاء كيان تنظيمي يتبع للشؤون الفنية بوزارة الاسكان للموافقة على تقنيات البناء الحديثة وتشريعها وتشجيعها، مما يحفز على استقطاب وتأهيل لتقنيات البناء الحديثة الملائمة للبيئة المحلية، وفي هذا المقام لعلي اقترح أن يتم التركيز على تطبيقات ”الهندسة القيمية“ «VALUE ENGINEERING» والذي تركز على تنفيذ المشروعات باقل تكلفة ممكنة مع الحفاظ على مستوى الاداء الوظيفي بالكفاءة المطلوبة دون الاخلال بالجودة، وهذه التطبيقات هي استخدام اساليب هندسية عبر جهد جماعي منظم يقوم به فريق متخصص أثناء التصميم لتحليل وظائف المشروع وطرح المقترحات والبدائل المناسبة من اجل تحقيق الوظائف الاساسية للمشروع.

وسيكون من المفيد لأي مشروع في مراحله التصميمية ان يتم عمل اسلوب الهندسة القيمية علية من فريق عمل متخصص ينتهج اسلوب تحليلي ابداعي هدفه تحقيق الوظائف الاساسية للمشروع بأقل التكاليف، اذ ان الدراسة القيمية بما تتميز به من انها عمل جماعي تعتبر فرصة سانحة لسد الفجوة التي تحدث في العملية التصميمية المعتادة التي تعتمد على العمل الفردي لكل تخصص على حدة، فالعمل الفردي يميل الى وضع الحد الاعلى من عوامل الامان والاداء، اما فريق عمل الهندسة القيمية فسيسعى الى ربط التصاميم المعمارية والانشائية والصحية والكهربائية مع بعضها، وايضاح البدائل المناسبة لتنفيذ المشروع باقل تكلفة مع الحفاظ على جودة المشروع ووظيفته الاساسية.

وتخضع دراسات الهندسة القيمية لمنهج محدد بهدف للتخلص من التكاليف غير الضرورية الناتجة عن تصاميم مبالغ فيها في تحقيق المتطلبات الوظيفية للمشروع عبر تقييم المشروع وظيفيًا وفنيًا واقتصاديا وموازنة التكاليف مع الوظائف المطلوبة ومستوى الجودة والأداء كما يهدف إلى تحسين ورفع جودة المشروع وتطوير الأداء بأقل التكاليف الممكنة. ويجري عمل الهندسة القيمية عبر ورش عمل تمتد من ثلاثة أيام عمل الى خمسة حسب حجم وقيمة المشروع ويديرها متخصص معتمد من الجمعية الدولية لمهندسي القيمة ويشارك فيها فريق متخصص وفق خطة منظمة تتكون من ست مراحل متسلسلة.

تبدأ بمرحلة جمع المعلومات ومرحلة التحليل الوظيفي ومرحلة التأمل والإبداع ومرحلة التقييم ومرحلة التطوير ومرحلة العرض والتطبيق وتعتبر مرحلة التحليل الوظيفي هي حجر الزاوية التي تقود إلى دراسة قيمية فاعلة تترجم تلك الوظائف إلى أفكار ومقترحات وبدائل هدفها تحقيق الوظيفة المطلوبة بأقل التكاليف دون التأثير على مكونات المشروع في حين أن خفض التكاليف بالطرق التقليدية كحذف بعض البنود أو ترحيلها الى مراحل مستقبلية تؤثرسلبآ على وظيفة المشروع الأساسية..

وخلاصة القول أن الهندسة القيمية والتي يتم تطبيقها في المملكة في مشروعات وزارة الدفاع ومشروعات الهيئة الملكية وبعض القطاعات الاخرى تعد من أفضل الوسائل لترشيد الإنفاق على المشروعات لاسيما القطاع السكني الذي يمس شريحة واسعة من المواطنين، وقد أثبتت الدراسات الفعلية التي أجريت أن تطبيق أسلوب الهندسة القيمية قد يؤدي إلى تحقيق نتائج ملموسة تنتج عنها وفورات مالية تصل إلى 30 % من القيمة الإجمالية للمشروع مع تلبية الاحتياجات الفعلية ومتطلبات الجودة والأداء، والله من وراء القصد..