لمى عذراً
قبل أيام سمعنا بخبر «لمى» المعنفة من قبل والدها الذي اغتال طفولتها وحرمها من الحياة. هذه الأخبار تذكرنا بأيام الجاهلية التي كانت تدفن بناتها لاعتقادهم أن البنت تجلب إلى الأسرة العار. وكل العار هو في قتل وتصفية روح بشرية من المفترض أن تتمتع بحياة كريمة وسعيدة، لكن الجهل في كثير من المواقف يتحكم في تصرفات بعض الأفراد في هذه المجتمعات.
تلك الأيام تسمى بالجاهلية نتيجة الجهل وتفشي العصبية التي رفضها الإسلام وأكد على أن تلك الأعمال من الكبائر وشدد على كرامة النفس البشرية، كل ذلك ونجد في هذا الزمن من هو أشد جهلا من فترة الجاهلية. هذا الأب القاسي في الحقيقة نسف كل قيم الدين الإسلامي والقيم الإنسانية وكل الموازين البشرية من خلال التعذيب والتنكيل الذي قام به مما سبب رحيل لمى من هذه الحياة.
«لمى» الآن هي ضحية العنف الأسري الذي ارتكبه والدها مما أدى إلى وفاتها وفراقها للحياة. «لمى» الآن في قبرها ومن ذلك القبر تطالب بحقوق المعنفين أمثالها وهي الآن صوت كل طفل وعاجز عن الدفاع والمطالبة بحقه في حياة كريمة وخالية من كل الممارسات البعيدة عن الإنسانية والقيم والمبادئ البشرية.
«لمى» لم تكن الوحيدة المعنفة هناك الكثير أمثال «لمى» لا زال يمارس باتجاههم التعذيب الجسدي والنفسي، لذلك على المؤسسات الحكومية والمؤسسات الحقوقية الهيئة والجمعية لحقوق الإنسان بالسعودية والواعين في هذا المجتمع وضع حد لهذه الممارسات البعيدة عن الرحمة. وعلى الدولة وضع قوانين صارمة باتجاه كل من يمارس مثل هذه الأعمال الإجرامية والعدوانية لكي تحمى الطفولة وينشأ جيل قادر على مواجهة الحياة.
وفي الختام لا يسعني إلا أن أقول عذرا لك «لمى» لأن اتفاقية حقوق الطفل لا مكان لها في هذا العالم المتخلف الذي لا يفهم سوء لغة العنف والإقصاء والتطرف اتجاه من هو أضعف منه، لكن هذا العالم المتخلف أبسط حقوقه التي من المفترض أن يطالب بها يسكت عنها وتجده مختبئ تحت التراب لأنه متأزم نفسيا ويحاول أن ينقل هذا التأزم إلى غيره وهذا لا يكون إلا إذا وجد من هو أقل منه ضعفا وقوة لكي يصب جام غضبه عليه، وفي مثل حالة «لمى» والدها لم يرى غيرها فقام بالتنكيل بها وتعذيبها حتى فارقت الحياة وهي في عمر الزهور والبراءة. «لمى» رحلت لكنها تريد لأخواتها وإخوتها حياة سعيدة وكريمة خالية من التعذيب وأن يحترم حقهم في الحياة.