رسالة الأربعين
كيف نقرأ رسالة الأربعين؟
أحاديث كثيرة تحثنا على زيارة الإمام الحسين وترغبنا فيه وتخبرنا عن الأجر والثواب العظيم الذي ينتظر من يزور الإمام الحسين منها:
عن أبي عبدالله «قال: «من أتى قبر الحسين عارفاً بحقّه كتبه الله في علّيّين» [1] .
«عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا «سلام الله علىه»: مَا لِمَنْ زَارَ قَبْرَ أَحَدٍ مِنَ الأئِمَّةِ «سلام الله علىهم»؟ قَالَ: لَهُ مِثْلُ مَنْ أَتَى قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ «سلام الله علىه». قَالَ: قُلْتُ: وَمَا لِمَنْ زَارَ قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ «سلام الله علىه»؟ قَالَ «سلام الله علىه»: الْجَنَّةُ وَاللَّهِ»».
ألا يكفي هذا الثواب «الجنة»
وقفت متأملا ما تنقله القنوات الفضائية وكلي حسرة وألم ولهفة للزيارة وقلت هنيئاً لمن وفقه الله لزيارة الحسين ... وتخيلت نفسي تمشي مع المشاية وتقرأ الزيارة وتصلي في حرم الإمام الحسين وتمشي بين الجموع في شوارع كربلاء وكأني أنظر لتلك الحشود المليونية... وحلقت روحي في فضاء كربلاء... وجرى القلم بهذه الكلمات:
1 / زيارة الأربعين ليست زيارة عابرة وليست كلمات يقرأها الزائر أو مجالس ومواكب عزاء بل هي انعطافه وملحمة تغيير في روح المجتمعات.
زيارة الأربعين... هي وقفة الشموخ والإباء، وهي وقفة خلود العظماء، وهي رسالة المحبين والعاشقين، وهي تجديد عهد مع سيد الشهداء.
2/ توحيد الصف: هذه الحشود وهذه الملايين تعلمنا كيفية توحيد الصف وتنظيمه والتدافع نحو الهدف السامي «الحسين يوحدنا» ووحدة المبدأ وتعزيز الانتماء العقائدي مع مذهب أهل البيت
هي مناسبة الولاء الصادق الذي يتجلى في صور شتى لكنها تتحد في صورة واحدة وهي «كلنا فداء للحسين» لقيمه ونهجه ومبادئه ونقرا في الزيارة ”اَللّهُمَّ اِنّى اُشْهِدُكَ اَنّى وَلِىٌّ لِمَنْ والاهُ، وَعَدُوٌّ لِمَنْ عاداهُ“.
3/ استثمار الطاقات: في هذه المناسبة تتفجر الطاقات ويتسابق المحبون للتعبير عن حبهم وقدرتهم على العطاء حبا وولاء للحسين .
فكل موالي يسخر كل طاقاته ويسعى جاهدا لأن تكون له مساهمة في هذه المناسبة.
4/ رسالة الأربعين تهدف إلى إعادة بناء الذات وتطهيرها من المخلفات والأفكار السوداوية السلبية هي مناسبة إعادة الروح والطاقة الإيجابية للإنسان، فمن الحسين يتعلم الإنسان معاني العزيمة والإصرار والتحدي وتحمل المسؤولية، كما جاء في الزيارة ”وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فيكَ، لِيَسْتَنْقِذَ عِبادَكَ مِنَ الْجَهالَةِ وَحَيْرَةِ الضَّلالَةِ“ وكل دروس بناء الذات.
وكل من يزور الحسين ويتلفظ بكلمات الزيارة فإنه يعيش لحظات روحانية تشحنه بالنورانية وتضيء قلبه بنور الإيمان ليصبح قلبا سليما مطمئناً.
وعندما يعود الزائر من الزيارة ومن رحلة العشق الحسيني فأنه يعود بشخصية جديدة وكما جاء في الرواية: ”من زاره يريد به وجه الله أخرجه الله من ذنوبه كمولود ولدته أمه“ [3] .
يعود بشخصية تحمل بين فكرها آفاق وتطلعات أممية وعليه ان يسارع لأن يوظف هذه الآفاق فيما يعود على مجتمعه بالخير والرفاه.
ختاماً: إن من يوفق لزيارة الحسين فهذا يعني ان الله اصطفاه ووفقه للعيش في جنة الله في ارضه والتنعم بنعيمها. ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ فصلت: 35.