آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 1:06 م

القلق الديني

حسن آل جميعان *

يتبادر إلى الذهن حالة الهلع والقلق جراء فكرة أو رأي أو اجتهاد مغاير عن ما هو سائد في المجتمع، وتلك الحالة تبرز في الحالة الدينية أكثر من غيرها، تجدها قلقة من كل ما هو مختلف وغريب عنها، السؤال: لماذا كل هذا القلق؟ هل هو بسبب وجود خلل أم بسبب ضعف في الحالة الدينية؟ أم ماذا؟ حقيقة هناك عوامل كثيرة تفسر هذا القلق أبرزها الجمود وعدم التفاعل مع المتغيرات الجديدة، والخوف منها، اضافة إلى ركود الاجتهاد في المؤسسات الدينية وغيرها من الأسباب التي لا مجال لتناولها في هذه المقالة القصيرة.

تناول سماحة الشيخ حسن الصفار حفظه الله في الليلة الخامسة من المحرم لعام 1440 هجرية في محاضرته التي جاءت تحت عنوان: ”القلق على الدين من الخارج أم الداخل؟“، إلى ضرورة استعادة الثقة بالدين، وأشار ايضا إلى أن الثقة بالدين هي السمة العامة لأبناء الأمة، وبين أسباب استعادة الثقة بالدين منها استقرار العلاقة بين العلم والدين، ونقد الحضارة الغربية من داخلها، اضافة إلى فشل المشروع التغريبي، وكذلك قراءة التراث الديني بروح التجديد من مفكرين إسلاميين، وتحدث كذلك عن التحديات التي تواجه الحالة الدينية من داخلها. «انتهى»

اعتقد أن أخطر ما تواجهه المجتمعات والأمم هو التهديدات التي تنشأ من داخلها خاصة مع ما يحصل من تبربر وعدم اعتراف بها. ما يؤدي إلى تفاقم المشكلة وتطورها أكثر، وبعد ذلك يصعب اصلاح ما أفسده الدهر. المجتمع آلان ليس كالسابق حيث أصبح أمام عالم مفتوح على مصراعيه مما وفر له إمكانية في التعرف على المجتمعات الأخرى، وبذلك صار يقارن بين واقع تلك الأمم وواقعه الذي يجده متأخرا عنهم، مما يجعله في حالة من الإحباط واليأس من المجتمع الذي يعيش فيه، اضافة إلى الحركات المتطرفة المتوحشة التي قدمت الدين بشكل دموي عنيف كل هذا التوحش يستنبطونه من التراث مع الأسف الشديد.

تجاوز القلق الديني يبدأ من الذات ويحتاج منا خطوات جريئة نحو الإصلاح الديني وتجديد القيم والمفاهيم الدينية بما ينسجم مع معطيات العصر، كذلك تعزيز القيم الأخلاقية، والتشجيع على العلم والتنافس وحب المعرفة، والاستفادة من الأمم الأخرى ومن المنجزات الإنسانية التي توصلت له، كل هذا يعزز الثقة بين الفرد وبين الدين، ويشعر بأن الدين قادر على استيعاب كل ما هو حضاري في هذا العالم بوصفه تجربة دينية تخدم الإنسان أولا والبشرية ثانيا.