آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 12:15 م

رسالة الدين

حسن آل جميعان *

لا شك أن الأديان إضافة إلى الدعوة إلى عبادة الله جاءت من أجل سعادة البشر، حيث الدين يوفر للإنسان الاستقرار النفسي والمعنوي الذي يساعده في تجاوز صعوبة ومشقة الحياة، خاصة وأن متطلبات الحياة في تزايد مستمر مما يجعل الانسان بحاجة إلى شيء يخفف عنه أعباء هذه الدنيا، وهنا يبرز دور الخطاب الديني المسؤول الذي يبعث الأمل في نفوس الناس ويجعلهم قادرين على مواجهة التحديات التي تحاصرهم من كل جانب، وبث روح الحب والاحترام والابداع في العلم والعمل وتعزيز القيم الأخلاقية في المجتمع.

تساءل سماحة الشيخ حسن الصفار حفظه الله في محاضرة الليلة الثانية من المحرم التي جاءت بعنوان ”الخطاب الديني والوظيفة الاجتماعية“: الخطاب الديني طقس أم مهنة أم رسالة؟

مع الأسف تحول الخطاب الديني في كثير منه إلى خطاب طقوسي يهتم بالقشور على حساب الجوهر، وهذا ما يجعله خطابا يبتعد عن الواقع وعن اهتمامات الناس وهمومهم، مما يشكل فجوة بين الناس والخطاب ذاته، وبالتالي تجد كثير من أبناء المجتمع لا تستهويه مثل هكذا خطابات، وتحول ايضا إلى مصدر للاسترزاق والتكسب وهذا ما يجعل الخطيب أسير لما يطلبه المستمع حفاظا على مصدر رزقه ولقمة عيشه مما يجعله يقدم مادة ضعيفة هزيلة همها دغدغة مشاعر الحضور في تلك المجالس مع الأسف الشديد. حيث أشار الشيخ الصفار على ”أن الخطاب المنبري ينبغي ان لايكون طقسا شكليا ولامهنة للارتزاق يجيره الخطيب وفقما تقتضي هالسوق“.

اعتقد أن هذا الخطاب نتيجة طبيعية لما نحن عليه من تخلف وبؤس، وهذا أحد مخرجات المجتمع الذي نحن فيه. إذا أردنا من الخطاب الديني أن يرتقي علينا رفع نسبة الوعي في المجتمع حتى ينتج لنا خطباء على مستوى راقي من العلم والمعرفة، أما إذا كان الوعي في المجتمع متدني فماذا ننتظر من الخطاب سواء الديني منه أو غير الديني أن يقدم؟ نحن أمام تحديات كثيرة أبرزها رفع مستوى الخطاب الديني في المجتمعات الاسلامية حتى نتمكن من منافسة العالم وإبراز الدين بشكل حضاري انساني بعيدا عن مظاهر التخلف والعنف.

في الختام أشار سماحة الشيخ حسن الصفار بأن الدين ليس مشروعا للخلاص في الآخرة فقط، بل هو إلى جانب ذلك مشروع للحياة الأفضل في الدنيا، وأن رسالة الدين هي إصلاح الحياة واصلاح المجتمع.