آخر تحديث: 12 / 12 / 2024م - 9:31 م

الاستثمار في تعليم الأبناء إلى أي درجة يجب أن نذهب؟

عبدالواحد محمد المطر * جهات الإخبارية - صحيفة مال الالكترونية

قرار اختيار نوعية تعليم الأبناء مدارس عامة/خاصة وما يتبعه من التزامات مالية وعملية يمثل أحد أهم وأصعب المواضيع التي تشغل بال الأسر بمختلف مستوياتها الإجتماعية، الثقافية والاقتصادية.

بداية، ماهي أهم الأسباب التي تؤثر في قرار الأسر:

• وجود مدرسة بالأساس قرب المنزل

• توفر مقعد دراسي مناسب للطالب

• مستوى البنية التحتية ومرافق المدرسة

• تطوروقوة المناهج

• مستوى وإحترافية المدرسين

• تمكين الطالب من مهارات اللغات

• الرغبة في توفير بيئة مختلفة «اجتماعيا واقتصاديا»

• توفير تعليم بمناهج عالمية إستهدافا للتميز والقدرة على العمل في المؤسسات الدولية

• أسباب اجتماعية «تميز عن الأخرين، تقليد للأصحاب والعائلة، عرف اجتماعي»

حسب أرقام الهيئة العامة للإحصاء في المملكة، يبلغ عدد الطلبة المسجلين في مختلف المراحل التعليمية 6,4 مليون طالب/ة تقريبا، النسبة العظمى منهم «91 %» في القطاع العام:

نوع التعليم العدد النسبة من المجموع
عام 5,835,501 91.0%
خاص 556,958 8.7%
عالمي 16,124 0.3%
آخر 3,545 0.1%
الاجمالي 6,412,128 100.0%

هناك تباين في عدد الطلبة الملتحقين بالتعليم الخاص حول المملكة حيث ترتفع النسبة في المناطق الحضرية الكبيرة «الرياض، مكة الكرمة والشرقية» الى مابين 10 - 14% من إجمالي الطلاب وتنخفض في المناطق الأخرى حتى تصل الى 0,5 % فقط في منطقة الباحة. المفارقة هنا أن الباحة نفسها تتقدم جميع مناطق المملكة في نسبة دخول الطلاب في التعليم العالي «الجامعي» حيث وصلت الى 91 % تليها القصيم ب 77 % «جميع الأرقام مصدرها هيئة الإحصاء» وهي رسالة مهمة لمن يظن أن التعليم الخاص أساسي في التأهيل للتعليم الجامعي.

من الناحية النوعية للطلاب وحسب رأي أرباب الأسر أنفسهم، وجد أن 52 % من الطلبة الذكور موهوبين في الرياضة بينما 52 % من الطالبات موهوبات في الفنون التشكيلية. بينما تراجعت المواهب العلمية، الإبتكار والرياضيات الى معدلات منخفضة تراوحت مابين 7 - 9 % فقط. هذا مثال واضح لتوجه الجيل الجديد ومدى حاجتنا لدراسة الوضع الذي أدى لهذه النسبة الغير متكافئة خصوصا ونحن نعلم جيدا ترتيب ابناء المملكة في المنافسات الرياضية والفنية حول العالم.

الاختيار بين التعليم العام والخاص يعتمد بشكل كبير على النظرة للتعليم أساسا ومدى أهميته وتأثيره المباشر على نجاح الأبناء في الحياة العملية مستقبلا حسب رأي الوالدين. البعض يراه أهم مهارة أو هدية يعطيها الوالدين لأبنائهم وتصل لمرحلة تقديمه على أي هدف / حاجة أخرى للأسرة بما فيها المنزل، مستوى المعيشة وحتى السفر في الإجازات.

حول العالم بما فيها المملكة، تتواجد العديد من المدارس العامة والتي تصنف في مراتب مرتفعة من حيث نوعية الطلاب والمدرسين من جهة وجودة مرافق المدرسة من جهة أخرى وتكون عادة في أحياء راقية. الطبيعي أن يكون الطلب للانضمام لها كبيرا وهذا مايحدث بالفعل والذي يؤدي الى زيادة أسعار المنازل حولها. مثال بسيط، عائلة تسكن في عاصمة بريطانيا لندن، دفعت مايعادل 4 مليون ريال ثمنا لمنزل «مواصفاته، موقعه ومساحته أقل من المرغوب» فقط لميزة قربه من مدرسة مصنفة كواحدة من أفضل 100 مدرسة في البلاد. يصل فرق إرتفاع السعر بسبب القرب من المدارس الجيدة «والتي تخول ملاكها إدخال أبنائهم فيها إلى 42 % في بعض مناطق لندن «صحيفة ذا تيليغراف».

بالنسبة للوضع في المملكة، نجد تأثير خيارات الأسر واضحا في مقدار الأقساط التي يتحملونها والتي تستقطع من دخلها الشهري بغية توفير مايرونه البيئة المناسبة لابنائهم. تترواح تكلفة المدارس الخاصة بين 8 - 20 ألف ريال للأهلية مقابل 20 - 90 ألف ريال للمدارس العالمية. لنأخذ خيار المدارس الأهلية كونه يستحوذ على النسبة العظمى في التعليم الخاص وبمعدل 15 ألف ريال رسوم سنوية. بإفتراض معدل رواتب للسعوديين بحدود 10 آلالف ريال ووجود 4 أبناء سيكون نصف إجمالي دخل الأسرة موجها لتعليم الأبناء!!. حسنا، لنفترض أن الأسر ذات الدخل المرتفع فقط «15 ألف ريال شهريا» ستدخل ابنائها في مدارس أهلية، سنصل إلى نسبة 33 % من إجمالي دخل الأسرة وهي مازالت مرفعة.

هل تصنف هذه المصاريف كإستثمار؟

ماهو العائد المقابل؟

هل توفر المدارس العامة المهارات الأساسية التي يحتاجها الطالب/ه؟

هل تستحق المدارس الخاصة ماتطلبه من تكاليف؟

إلى أي حد يكون الإنفاق اقتصاديا/فعالا؟

هل يستحق هذا الهدف تجنيب ثلث دخل الأسرة له؟

ماهي خططك لتوفير تكاليف متطلبات الحياة الأخرى؟

أعرف أن الموضوع شائك وطويل وشخصيا لاأملك إجابة واحدة كافية للجميع لكني أعلم أن للحياة متطلبات عديدة ومن أهمها توفير سكن وحياة كريمة للعائلة والاستعداد للمستقبل والطوارئ بالإدخار والإستثمار. أعرف أيضا أن الأكثرية الساحقة من أصحاب المناصب ورجال الأعمال هم خريجو المدارس العامة. من جهة أخرى أعلم أيضا أن العالم تغير والمنافسة أصبحت أصعب ومتطلبات العمل والتجارة تشعبت وتطورت وباتت تحتاج للعديد من المهارات التي تتطلب تعليما خاصا لاتوفره المقررات العامة.

نتذكر جميعا مقولة ”أهم استثمار في أبنائك هو تعليمهم“ ولكن المشكلة أن العديدين يورطون أنفسهم وأبنائهم بحمل مالي وعلمي هم في غنى عنه. الحياة تحدي واستغلال إمكانيات وفرص، والناجح من من يزن الأمور، يخطط للمستقبل ويستغل الموارد المتاحة بأفضل وجه ممكن.