تعرف على واقع المعلقات المؤلم: لا زواج ولا طلاق
تبددت أحلامها الوردية وامنياتها السعيدة ولم تعد تعرف إلى أين تنتمي؟ فلا هي زوجة تعيش في قصر زوجها وتهنأ بلحظات الحب والحبور... ولاهي مطلقة حرة في أمورها.
لم تكن هذه بداية رواية خيالية أو فيلم حزين.. إنما هو مختصرا لواقع مؤلم تعيشه المرأة في مجتمعنا بعنوان «المعلقة».
فالزوج وحينما لا يطبق قاعدة المعاشرة بالمعروف أو التسريح بإحسان في الحياة الزوجية توجد في المجتمع شريحة من النساء تسمى المعلقات، وهن اللواتي هجرهن أزواجهن لسبب أو لآخر وأبو طلاقهن.
جهينة الإخبارية، فتحت هذا الملف الشائك لتسليط الضوء على هذه الشريحة التي تعاني وكان لنا هذا التقرير...
«ن_ك»؛ شابة في مقتبل العمر في السنة الأخيرة للمرحلة الجامعية تقدم لها شاب فيه من الصفات كل ما تحلم به أي فتاة... وتمت الخطبة بعد السؤال وتطابق التحاليل الطبية، وعاشت في كنفه سنة كاملة من الحب والمشاعر السعيدة.. لكن الأمور تغيرت رأسا على عقب حينما بدأت عائلة الزوج تتدخل في حياتهما بعد تحديد الزواج...
ليتحول الزوج الرومانسي إلى رجل عدواني يرفض أي رأي لزوجته التي رأت في الطلاق وسيلة للهروب منه...
لكن الزوج رفض كل محاولات الطلاق والتي استمرت 7 سنوات من العذاب والانتظار الا بمقابل مادي كبير يتجاوز ال «50 ألف ريال»، حتى باتت الزوجة تحلم بمسمى «مطلقة» والتي لم تكن تملك المال لتشتري حريتها.
ولم يكن حال «ش - ف»، بأحسن حالا من سابقتها فبعد سنة كاملة من الخطبة ومعرفة كلا منهما الآخر، وتعلقها برجل حياتها وفارس أحلامها فجأة وبدون سابق إنذار «أقفل الزوج هاتفه»، وصار لا يرد على مكالمات الزوجة له وعلى رسائلها المتكررة.
واستمر الوضع المؤلم من تجاهل الزوج والذي تطور بعدها إلى تغيير رقم جواله دون أي إعلام للزوجة التي تنتظر.
أخوة الزوجة التي كانت حامل في الشهر الثاني حاولوا إصلاح الوضع لكن الزوج بكل استهتار أخبرهم انه لم يعد يريد اختهم زوجة له وأنه غير مستعد إلى أن يكون ابا!.
لم تترك الزوجة بابا الا وطرقته ولم تجدي كل محاولات الإصلاح بين الأهل أو المعارف حتى أجبرت الزوجة إلى طرق أبواب المحاكم..
وبعد 4 سنوات من المواعيد الطويلة ومن الانتظار الدائم حصلت على الطلاق من المحكمة الشرعية السنية... الحكم الذي يجعلها مطلقة بالاسم فقط لاختلاف الأحكام الشرعية بين المذاهب.
بدوره، أكد الشيخ أحمد القطري ضرورة معرفة أسباب الطلاق والتي من أبرزها تدخل الأسر، خاصة أسرة الزوجة أو الزوج، في تفاصيل الحياة الزوجية، حيث يعد سبباً في إنهاء الحياة بين الزوجين، في عدد من الحالات التي وصلت للمحاكم.
وذكر القطري أن كثير من حالات الطلاق تنشأ بسبب غيرة ام الزوج من الزوجة وخوفها من تعلق ولدها بامرأة أكثر منها وهي التي قضت سنوات عمرها في تربيته مما يجعل الزوجين بين نارين والتي تنتهي عادة بتعليق الزوجة.
وارجع الشيخ أسباب التعليق إلى الحقد وحب الانتقام بالإضافة إلى طلب العوض واستغلال رغبة الزوجة بالطلاق وذلك وبطلب قيمة المهر مضاعفا لعدة اضعاف أو طلب مبلغ خيالي.
وشدد الشيخ على ضرورة وجود دورات تثقيفية للمقبلين على الزواج، للتأكيد على أن الرابطة الأسرية، بين الزوج والزوجة، لقيام أسرة متماسكة وصحيحة من الأمور التي حث الشرع عليها، وأنه لا بد أن يحترم الزوجان حرمة هذه الأسرة.
ودعا المقبلات على الزواج إلى توثيق شرط تفويضهن بطلاق أنفسهن في عقد النكاح، في حال أسيئت معاملتهن أو هُجرن، أو ما شابه، مطالبا خطباء المنابر بالقيام بدورهم في نشر الوعي القانوني للحفاظ على تماسك المجتمع.
وقال الأخصائي النفسي ناصر الراشد أن البعض من النساء تفضل البقاء في علاقه مؤلمه وغير مريحة على الاعلان عن رفضها للاستمرار في هذه العلاقة، حيث يرى البعض بأن هناك احتياج فطري للمرأة السوية إلى الميل للتستر بشكل كبير، ويعتبروا هذا الميل ردة فعل طبيعية للفضح البيولوجي حسب التعبير، وهذا ايضا يفسر حياؤها الفطري.
وأضاف أنه: «من ناحية أخرى تخشى بعض النساء أن تتهم بالفشل وأنها لم تستطع أن تحافظ على اسرتها، لافتاً إلى مساهمة بعض شبكات الدعم الاجتماعي الغير مستقرة في عدم تقديم المساندة الصحيحة للمرأة، إضافة إلى الأهل الذين قد يكونون مصدرا للضغط النفسي والاجتماعي على المرأة بدلا من ممارستهم لدورهم الايجابي في الدعم والمساندة.
كذلك فإن التكوين النفسي الاسري العميق للمرأة وعاطفة الأمومة يجعلها تتمسك بالأسرة وتؤجل قرار انهاء العلاقة حتى يكبر الاولاد».
وأكد في حواره مع جهينة الإخبارية بأن أول مرحلة في علاج المشكلات الأسرية هي أن يعترف الزوجين بوجود المشكلة، ثم تكون لديهما الارادة لحل المشكلة وهذه الخطوة لها اهميه كبيره في معرفة تفاصيل الاحداث ومن ثم تسميتها اي وضع التشخيص المناسب لها وبالتالي الخطوات العلاجية التي تعتمد على استجابتهم بشكل كبير.
وأضاف أن اغلب ما يعيق حل المشكلات الزوجية هو انكار أحد الزوجين وجود مشكلة، كذلك انكار دوره في المشكلة، أو انه يمارس عملية الاسقاط والتحويل، حيث أنه يؤكد بانه ضحية وأن الطرف الآخر هو مصدر المشكلات.
وذكر بأن الأسباب التي تؤدي الى حدوث المشكلات كثيره ومتعددة حيث أن أهمها الإحباط، قائلاً «أنه كما تعلمون بأن الزوج او الزوجة يأتي للعلاقة الزوجية وله آمال وتوقعات واحتياجات مؤجلة لا يمكن اشباعها الا في العلاقة الزوجية وعندما يضيع هذا كله في علاقة غير مستقرة وغير مرضية فإن الاستعداد للصراع وظهور المشاكل يبدأ من هنا مع بداية الاحباط»، كذلك الاهمال بكل اشكاله يؤدي الى ظهور المشاكل الزوجيه.
وبين أن هذا ينعكس على تواصل الزوجين وتبدأ العواطف والمشاعر الايجابية في الضعف والاختفاء شيئا فشيئا حتى تصل إلى مرحلة لا يحتمل الازواج بعضهم البعض، وتظهر المشاكل بأشكال مختلفة ومتعددة وتختلف من حيث الشده كذلك.
ولفت إلى أهمية الخصوصية بين الزوجين حيث أنها مؤشر على وجود مستوى عالي من الثقة بينهما، وهو النمط الديمقراطي في التفاعل الزواجي كما تعبر عنه كتب الارشاد الزواجي، والخصوصية هنا مساحه يتسامح فيها الازواج على مواضيع متفق عليها مثل العلاقات الاجتماعية او الامور التفضيلية الاخرى.
وشاركنا أخصائي التربية الخاصة والمتخصص بمجال الموهبة والابداع حسين المهنا بقوله أن الطفل الموهوب عرضة كغيره من الأطفال للتأثير للمشكلات السلوكية والنفسية الناتجة عن انفصال الوالدين وخاصة عند التأمل بتعريف العالم رينزولي Renzulli للموهبة وأنها عبارة عن تفاعل «تقاطع» ثلاث مجموعات من السمات الإنسانية، وهي: قدرات عامة فوق المتوسط، مستويات مرتفعة من الالتزام بالمهمة «الدافعية»، ومستويات مرتفعة من القدرة الإبداعية.
وقال أنه من هنا قد نجد بأن الطفل الموهوب عند حدوث انفصال للوالدين عرضة بشكل كبير للتراجع بمستوى تفوقه العقلي وأدائه المتميز بمجال موهبته وبشكل ملحوظ وغالبا يكون ذلك نتيجة لفقدان قوة التركيز والانتباه بأنشطته اليومية، وقلة اهتمامه بالأنشطة العلمية والبرامج الإثرائية التي تساعده بإذكاء مواهبه وتنمية قدراته العقلية.
وأضاف أن الطفل قد يصاب بقلة الدافعية نتيجة زيادة معدل الإحباط لديه عندما تتغير البيئة المنزلية المحفزة والتي تعود عليها سابقا بوجود الوالدين مع بعضهما بالبيت الأسري وقيام كل منهما بواجباته التربوية اتجاهه.
وأشار إلى أن هذا يؤدي غالباً لتراجع أداء الطفل ومدى انتاجيته لأفكاره الابداعية وخاصة عند الانغماس بالتفكير السلبي بحيثيات انفصال الوالدين أو احساسه باللوم بأنه جزء من تلك المشكلة.
وأوصى الوالدين بالتفكير جيدا بما يخص الأبناء وتربيتهم وجميع احتياجاتهم النفسية والسلوكية بشكل مستفيض عند حدوث مثل هذه المشكلة لا سمح الله.
وبين المحامي محمد الجشي أن الزوجة المعلقة هي من هجرها زوجها، فلا هو الذي عاشرها معاشرة الازواج ولا هو مطلقها، مؤكداً أن الحياة الزوجية قائمة على المودة والرحمة، فلا يجوز للرجل أن يهجر زوجته إلا في حالة نشوزها، ويختص هذا الهجر في الفراش فقط، أما بالنسبة للهجر المترتب عليه ترك المنزل والخروج منه فهذا محرم شرعا مهما كانت الأسباب.
وذكر أن أسباب تعليق الزوج لزوجته تكون لأسباب متعددة منها «تعدد الزوجات، فقد يكون سبب التعليق زواج الرجل من امرأة ثانية، فيميل للزوجة الجديدة وينسى الأخرى، أما في حالات أخرى، الخلافات التي تكون بين الزوج وأهل الزوجة؛ مما يدفع الزوج لمعاقبتهم بهجر ابنتهم، بالإضافة لذلك في بعض الأحيان انشغال الزوج عن زوجته، أي أنه لا يلجأ لبيته إلا للمبات.
وأضاف أيضاً «أنه من الأسباب الأخرى التي تدفع للتعليق والهجر هي كثرة الخلافات بين الزوجين، فقد تحصل خلافات كثيره تدفع الرجل للتهرب من منزله بحجة الابتعاد عن مصدر الخلاف بدلا من إيجاد الحلول، ومن الرجال من يهجر زوجته ويعلقها بُخلًا منه، لكي لا يطلقها ويترتب على طلاقهما مبالغ نفقة، وقد ترجع الأسباب لمجرد عدم رغبة الزوجة في الزوج فيقوم الرجل بهجرها حقدًا وغلًا متناسيًا قول الله تعالى: ”فإمساكٌ بمعروف أو تسريح بإحسان“».
وقال الجشي: «أن الحكمة من عدم إجازته شرعا بسبب الاثار المترتبة عليه من فساد للمجتمع وظلم للزوجة، مشيرا أن الدعوى ترفع امام محكمة الاحوال الشخصية فهي المختصة لحل مثل هذا النوع من المشكلات.
وتعمل الجهات المختصة عند مواجهة هذه القضايا على هذا الإثر، فإما أن يكون الزوج راغبا بالعيش مع زوجته بإحسان وإما أن يطلقها.
وفيما يتعلق بالمرأة المعلقة فلها عدة خيارات متاحة؛ فإما أن تقوم برفع دعوى معاشرة على الزوج بحيث أن يعود لها، أو في حالة امتنع عن الإنفاق عليها فترفع دعوى نفقة لتحصيل النفقة المشروعة منه، ولها الحق أيضا برفع دعوى نفقة للمحضون في حالة كانت حاضنة للطفل إذا امتنع الزوج عن الانفاق عليه، وفي حالة أن انقطعت سبل الإصلاح فتقوم الزوجة المعلقة بتقديم دعوى فسخ عقد نكاح إذا كان هنالك ضرر متحقق، أو إقامة دعوى خلع مع إرجاع المهر له.