الدكتور الضامن: أسعى لمكافحة السرطان ب ”اجهزة المناعة“ لدى البشر
الدكتور ياسر علي الضامن لـ ”جهينة الإخبارية“:
- السرطان خلايا غير طبيعية ينبغي مقاومتها من الجسد الإنساني نفسه
- العلاج الكيميائي ناجع لكنه يطال الخلايا النافعة
- نأمل في بيئة بحثية تستقطب العلماء من الداخل والخارج
- الاستثمار في العقل البشري وفي صناعة الأدوية من أنجح الاستثمارات وأكثرها عوائد
- شركات الأدوية تموّل الأبحاث وترصد العلاجات لأنها تنشد الأرباح
- للعوامل الوراثية دور كبير في تحويل جهاز المناعة إلى خلايا سرطانية قاتلة
يعد مرض السرطان من أشد الأمراض فتكا بالعنصر البشري في هذا الكون، ولا تزال تبعا لذلك الأبحاث متواصلة لوقف هذا الوباء المرض العضال لإيجاد علاج ناجع ونهائي، وتعددت لهذا الغرض الأبحاث وتنوعت المقولات وظهرت علاجات كثيرة، بعضها علمي واقعي، والبعض الآخر هي للوهم والكذب والدجل أقرب من أي شيء آخر، فبات مرض السرطان «والأمراض المصاحبة له» مجالا لحديث يومي يبدأ ولا يتوقف، خاصة في ظل الزيادة الملحوظة لضحايا هذا الكابوس الذي لم ينفك أو يتوقف بعد، كما أن هذا المرض بات تجارة رابحة للمستثمر السليم وغير السليم.
ولكن الأمل ما زال باقيا، إذ أن لكل داء دواء يستطب به، ولكن هذا الدواء قد يكتشف اليوم، وقد لا يكتشف إلا بعد سنوات تطول أو تقصر، والمراكز بدأت نشاطها ولم تتوقف والأبحاث متواصلة للوصول إلى هذا الدواء الخاص بهذا الداء، توصلت إلى حلول معينة لبعض الحالات المعينة من هذا المرض، ولم تتوصل بعد إلى حلول لحالات أخرى، ولكن الأمل لا زال باقيا.
وضمن هذا الأمل الذي نتسلح به نلتقى مع واحد من أبناء هذا البلد المعطاء، وأحد الذين حملوا راية البحث للوصول إلى دواء لمعالجة السرطان أو كما يحلو للبعض وصفه ب ”طاعون العصر“، إلا وهو الدكتور ياسر بن علي الضامن، الذي رفع راية العلم والمعرفة والبحث والدراسة لمكافحة المرض، ليس على الصعيد الفكري والثقافي والنفسي وحسب، بل حتى على صعيد الجسد ومقاومة أمراض الجسد، فماذا يقول الضامن المتخصص في علم الجينات والأمراض الوراثية؟
لعلنا في البداية نود الاستفسار عن سر التوجه نحو هذا التخصص الدقيق الذي يتعلق بالجينات والمناعة والسرطان، وما يتبع هذا التوجه من أنشطة ومواقف؟
في البداية أنا من سكان القطيف/سنابس، أقيم حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية في مدينة ايست لانسنج بولاية ميتشغن، بدأ عندي هذا التوجه منذ أن درست العلوم الطبية حيث وجدت نفسي في عالم المختبرات الطبية، لذلك غلب على تخصصي العلمي ولله الحمد هذا التوجه فأنا وبلا فخر حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم الطبية «تخصص مختبرات اكلينيكية» من جامعة الملك سعود بالرياض وكانت فترة الدراسة هي «1995 - 1999»، بعدها عملت في المستشفى العسكري كتطبيق عملي فكنت ضمن هذا التوجه، وبعدها حصلت على الماجستير في العلوم الطبية أيضا «تخصص الأساسيات الجزيئية للأمراض» من كلية الطب في جامعة توليدو في أوهايو خلال الفترة «2005 2007»، وحصلت بتوفيق الله على ماجستير في إدارة الأعمال «تخصص الإدارة التنفيذية - جامعة ولاية ميتشغن خلال الفترة «2015 2017»، ذلك بعد أن وفقني الله للحصول على درجة الدكتوراه في علم الجينات الجزيئي من جامعة ولاية ميتشغن بمدينة إيست لا نسنج خلال الفترة «2007 وحتى 2012».
هل كان هو توجهك الشخصي، أي أنه من بنات أفكارك وتوجهك أم أنه كان مقترحا معينا تم تقديمه لك؟
خلال فترة دراستي للعلوم الطبية كنت أبحث عن شيء ما شبه مفقود لدي، كنت مدفوعا بدافع شخصي وهو حب العلم والمعرفة، وبدافع أعم وهو تقديم خدمة إنسانية فوجدت ضالتي في علم الجينات، فقد كانت أمتع مادة علمية كنت أتلقاها خلال فترة الدراسة، وبعدها عملت على مهنة أخصائي مختبرات إكلينيكية في مستشفى الولادة والأطفال في الدمام خلال أعوام «2000 وحتى 2002»، وبعدها وخلال أعوام 2002 وحتى العام 2005 عملت أيضا على المهنة نفسها «أخصائي مختبرات إكلينيكية» في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض «2002 - 2005» خلال تلك الفترة كنا نتواصل مع بعض الباحثين في مراكز الأبحاث في هذا المجال، وتعرّفت على دكتور عربي «من الجنسية الجزائرية» يدعى الدكتور سعيد الدرميمي وكان يعمل كعالم أبحاث في مستشفى الملك فيصل التخصصي متخصصاً في علم العلاج المناعي للسرطان وقد كانت العلاقة معه مفيدة في هذا الجانب، حينها فكرت أن أواصل دراستي في هذا الجانب، حينها فكرت أن أواصل دراستي وأن أتعلّم أكثر، لذا بدأت ومنذ العام 2005 أقدّم على الجامعات في العالم حتى جاءت فرصة الابتعاث للخارج.
اتقصد برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي؟
بالضبط، لأنني خلال تلك الفترة قرأت إعلانا عن الابتعاث الخارجي، فلم تكن المسافة بين مستشفى الملك فيصل التخصصي ووزارة التعليم العالي في الرياض بعيدة فقصدتها، وقد كانوا متعاونين للغاية، إذ طلبوا منّي تقديم موافقة بالقبول من أي جامعة في الخارج فسوف تتاح لي فرصة الابتعاث، وقد كنت من الأصل قد حصلت على موافقة من جامعة اوهايو في الولايات المتحدة الأمريكية، وأنا بكل فخر كنت ضمن أول مائة سعودي تقدّموا على الابتعاث الخارجي وكان رقمي 71 وحصلت على الماجستير والدكتوراه كما سبق القول، بعدها اتجهت لولاية متشغين، لأعمل أستاذا مساعدا في قسم علم الجينات الجزيئيّة، وذلك بمعهد البحوث الأكلينكية بجامعة ولاية ميتشغن، ولكوني متخصصا في أبحاث العلاج الجيني والمناعي للسرطان والامراض المعدية، فأنا ولله المنة والحمد أقوم حالياً بإدارة فريق بحثي يتكون من 8 باحثين، وأشرف على أبحاث 3 طلاب دكتوراه منذ العام 2014 الى هذا الوقت، ذلك بعد حصولي على درجة الزمالة البحثية في العلاج الجيني والمناعي للسرطان في جامعة ولاية ميتشغن، والتي حصلت عليها خلال الفترة 2012 2014.
لعل هذه السيرة الذاتية الجميلة، وهذه الإنجازات، تدفعنا لأن نعرض عددا من الأسئلة التي أراها هامة، تتمثل في المصطلحات التي يتداولها الناس وربما لا يعرفونها، مثل السرطان، والجينات، والمناعة، وما يترتب عليهما من مصطلحات غريبة على الإنسان غير المتخصص، حتى لو كان على إطلاع؟ ومن الأصل ما العلاقة بين المناعة والسرطان؟
السرطان يعني أن ثمة خلايا غير طبيعية تنمو في جسد الإنسان وتفرز مواد مثبطة تؤثر على عمل جهاز المناعة، وكل خلية بها آلاف البروتينات، فيقوم جهاز المناعة الموجود لدى كل إنسان بمقاومتها والقضاء عليها، إذا لم تكن طبيعية، ويتركها في حال كانت طبيعية، ولكن الذي يحدث أن البعض لأسباب كثيرة، وراثية أو بيئية، أن يتعرض لمادة كيماوية زائدة أو طفرة جينية فلا يستطيع جهاز المناعة مقاومة الخلل الذي يحدث في الجسم من ظهور الخلايا غير الطبيعية فتنمو وتتكاثر ويحدث المرض ويتفاقم مع زيادة هذه الخلايا التي نتيجتها الوفاة والعياذ بالله.
وهل هذا ينطبق على كافة السرطانات التي نسمعها، مثل سرطان القولون، وسرطان الدم، وسرطان الكبد؟
جميعها تحدث بمعادلة واحدة، ووفق آلية واحدة، خلايا غير طبيعية لا يستطيع جهاز المناعة مقاومتها فتنتشر وتفتك بالجهاز التي تفشّت فيه.
قبل أكثر من ثلاثين عاما قرأت كتابا عن الإيدز، وقد أورد معلومة تفيد بأن الذين يتوفون بالإيدز يكونون مصابين بالسرطان في أي مكان، وربما كان السرطان هو السبب في تلك الوفاة، وكما نعلم أن الإيدز هو نقص في المناعة المكتسبة لجسد الإنسان، فهل هذا يعني ان نمو السرطان جاء من تراجع المناعة؟
هذا هو بالضبط الذي أشرت إليه قبل قليل فجهاز المناعة يقاوم أي شيء غير طبيعي، والسرطان كما سبق القول هو خلايا في جسد الانسان تنمو بشكل غير طبيعي، ففي حال ضعف جهاز المناعة عن مقاومتها والقضاء عليها، يصاب الإنسان بالمرض، وهذا هو التفسير العلمي لانتشار المرض، والمشكلة أن الخلايا السرطانية قد تتغير في شفرتها وتقوم بعملية تخريب للجينات المعنية بتنظيم عملية انقسام الخلايا، فتختفي جينات جيدة ذات وظائف نافعة للخلية وتنشأ جينات غير جيدة تقوم بدور تحفيزي للخلايا السرطانية.. وما يحدث ان فايروس الإيدز يضرب أهم خلية في الجهاز المناعي في جسم الإنسان وهي «CD4+ T cells»، فيقتلها ويتخلص منها وبالتالي يفقد المريض أهم عامل مساعد الخلايا المساعدة لخلايا المناعة، فيكون جهاز المناعة عرضة لكل الأمراض ولا يستطيع المقاومة، فكل مرضى الإيدز يصابون معرضون بنِسَبة عالية للإصابة بأمراض سرطان الدم وغيره، حتى أن بعض الالتهابات الميكروبية، مثل فيروس الانفلونزا الذي يأخذ من الشخص العادي بضعة أيام وتنتهي نجدها قد تسبب الوفاة لدى مرضى الإيدز.
تطرقت إلى العوامل الوراثية، ماذا تقصد بأن ثمة عوامل وراثية تكون سببا في انتشار السرطان؟
قد يحدث أن اثنين مصابان بنوع معين من السرطان، كلاهما مصاب بسرطان القولون على سبيل المثال، لكن أحدهما يشفى بعد العلاج والآخر لا يشفى «أو قد تختلف نسبة الاستجابة للعلاج»، والسبب أن أحدهما لأسباب وراثية «مثلاً اختلاف في شفرة بعض الجينات المسؤولة عن تنظيم عمل جهاز المناعة أو بسبب الاختلاف في نسبة الخلل الذي يحدث على سطح الحمض النووي «Epigenetic modification» أن جهاز المناعة أقل تأثيرا، ويحدث أن إن اثنين من بني البشر يتعرضان لعوامل بيئية معينة، لإشعاعات مثلاً، كونهما يعملان في مكان واحد قد تسبب له سرطانا معينا والجسم بعد ذلك يخرج جينات «تترجم لبروتينات» تدافع، هذه البروتينات قد تكون قوية عند أحدهما وضعيفة عند الآخر فيصاب هذا بالمرض ولا يصاب الآخر بأي شيء.. خلاصة الأمر أن الخلية السرطانية يقتلها الجهاز المناعي، ولكن البعض في تركيبته الوراثية تتغلب الخلايا السرطانية على الجهاز المناعي فيحدث السرطان،
ربما كان سؤالا تقليديا نود عرضه على جنابكم.. ما اسباب السرطان، وكيف نتحصن منه، وكيف نتعالج منه؟
التفسير العلمي سبق قوله، أما كيف تنشأ الخلايا السرطانية غير الطبيعية، فقد تأتي من عوامل عدة، ولدينا أشياء كثيرة تؤدي إلى السرطان، من قبيل الأكل غير السليم، التلوث البيئي، العوامل الوراثية «خلل في عمل جهاز المناعة»، كما أن أي تغير في التركيبة الميكروبية النافعة قد تؤدي إلى سرطان مثل سرطان القولون، والحال نفسه بالنسبة استهلاك المضادات الحيوية بشكل غير طبيعي والذي يؤدي إلى خلل في التركيبة الميكروبية في المعدة فيكون عاملا يسبب السرطان، لأن هذه المضادات قد تقتل ميكروبات نافعة أثبتت الأبحاث الحديثة والدراسات السريرية على الأنسان أهميتها في تنظيم عمل الخلايا المناعية، وكذلك برمجة الكثير من الوظائف الحيوية في جسم الانسان، ووجد كذلك أن توازن البايوم الميكروبايوم يساعد على الاستجابة للعلاج الكيميائي والمناعي لدى مرضى السرطان. وأود أن أستغل هذا اللقاء للتذكير بأهمية عدم استخدام المضادات الحيوية إلا في حال الضرورة عن طريق وصفه طبية من الطبيب المعالج، كما تؤثر الأغذية الملوية بالمبيدات الحشرية على توازن البايوم الميكروبايوم لذلك من المهم جدا الاهتمام بالمصادر الغذائية الواردة من الخارج، والالتفات الى استخدام المبيدات الحشرية خصوصا تلك التي توجه للمواد الغذائية.
تحدثت عن النظافة في الأكل والشرب والعيش، لكننا سمعنا أن شخصيات ذات قيمة اجتماعية كبرى بحجم الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران ماتت بالسرطان.. هل كان أكلها غير سليم أو غير نظيف؟
ليس لها تفسير سوى حدوث خلل جيني معين وعجز الجهاز المناعي عن مقاومة الخلايا السرطانية، وهذا ما نسعى له في جامعة ولاية متشغين وهو الوصول إلى أدوية تحفز الجهاز المناعي ليقوم بدوره على أكمل وجه، خاصة وان الاكتشافات الحديثة التي أدت إلى تطوير علاجات مناعية، مثلاً «Nivolumab» Anti - PD1 وIpilimumab» Anti - CTLA - 4»، اثبتت نجاعة العلاج المناعي لدى مرضى السرطان اللذين لم يستجيبوا للعلاجات المتاحة في هذا الوقت، ومنها العلاج الكيميائي، خاصة وان بعض الخلايا السرطانية «cancer stem cells مثلاً» تملك قدرة فاعلة على مقاومة العلاجات المستخدمة في وقتنا الحالي لعلاج السرطان.
ماذا عن العلاج لهذا المرض؟
ما أقوم به في الوقت الحاضر هو العلاج محاولة فهم عمل جهاز المناعة وتواصله مع الأجهزة الأخرى في الجسم، وذلك عن طريق إكتشاف وظائف جديدة لجينات معينة في خلايا جهاز المناعة تساعدنا على تطوير إستراتيجات علاجية لتحفيز عمل هذه الجينات عبر لهدف تقوية جهاز المناعة. نقوم باستخدام بروتينات مناعية محفزة وفيروسات معدلة وراثياً لتحقيق هدا الهدف، فهو أفضل طريقة ناجعة لمقاومة هذه الخلايا السرطانية، ومعالجة أي خلل في الجهاز المناعي ليقوم بدوره في هذا الشأن، هذا باختصار للأبحاث التي أقوم بها واشرف عليها.
ما الأهمية التي يتصف بها العلاج المناعي عن غيره من العلاجات مثل العلاجات الكيماوية؟
العلاجات الموجودة ابرزها العلاج الكيماوي، فهو علاج ناجع ومفيد، لكن المشكلة أنه يقضي على الخلايا الضارة والنافعة في وقت واحد، بخلاف العلاج المناعي والذي قاده الدكتور وليم كولي من عام 1890، الذي كان يستخدم البكتيريا في علاج السرطان كون هذا الميكروب يحفز عمل جهاز المناعة، هذا العلاج يعتمد على تحفيز الجهاز المناعي لدى المرضى ليقتل الخلايا السرطانية، خاصة وإن العلم الحديث اثبت قيام الخلايا السرطانية بإحداث حالة معينة لدى خلايا جهاز المناعة وجعلها خلايا منهكة «Immune cell exhaustion» ونجاعة إعادة عمل هذه الخلايا المنهكة عن طريق العلاج المناعي «مثلاً anti - PD - 1» لعلاج سرطانات قاومت كل العلاجات المتاحة، مثل سرطان الجلد.
لكن المعلومات تقول بأن الطب البديل مثل الحجامة والصيام والإبر الصينية توصل لحلول لبعض حالات السرطان، وما شابه ذلك؟
في الحقيقة لسنا ضد الطب البديل، ولا ضد أي طريقة تخدم الإنسانية، ولكننا كعلماء نتبنى أي علاج تم وفق دراسة علمية محكمة من جهة معترف بها، فالحجامة مثلا هي عمل مشروع وسنة نبوية، لكن إذا تم إجراء دراسات علمية على تأثيرها لمقاومة السرطان أو علاجه فأهلا وسهلا، والكلام نفسه بالنسبة للإبر الصينية، أو بعض الأعشاب.. وأما بالنسبة للصيام فقد ظهرت دراسات من مراكز علمية معترف بها تؤكد دوره في تقوية جهاز المناعة وقد نشرت الدراسة في مجلة من أعظم وأكبر المجلات العلمية الطبية في العالم «Nature»، فنرجو التدقيق في أي معلومة تصدر لابد أن تكون من مصادر موثوقة، وهذا ينطبق على كل شيء، خصوصا في هذا الشأن، فمثلا ثبت علميا هذا الأسبوع ومن مصادر موثوقة «عن طريق فريق بحثي من جامعة هارفارد تم نشره في مجلة Nature/Vaccine»»، وبناء على دراسات معينة أن التطعيم الذي نتناوله لمقاومة ومحاربة مرض السل، وقد مرّ على إقراره عندنا لأكثر من 100 عام، ثبت بالتجربة أنه ناجع في علاج النوع الاول من مرض السكر، وفي حال إقراره وتبنيه من قبل الجهات العلمية والطبية في العالم سوف يكون طفرة في هذا الجانب، وسوف وقد ينال الباحث الذي اكتشفه جائزة ليست أقل من جائزة نوبل للطب، ما عدا فمن الصعب أن اقبل أي معلومة أسمعها في مكان ما حول علاج معين لمرض معين، خصوصا مرض السرطان، كما أنه وحتى المعلومة الصحيحة لا ينبغي اعتمادها فقط بل اعتماد طريقة تطبيقها، فمثلا ثبت أن الكركم يساهم في حماية الجسم من السرطان، ولكن هل يعني هذا أن نأكل الكركم كيفما اتفق، علما أن المعلومة أفادت بأن عنصرا معينا في هذا الغذاء يقاوم السرطان، لذلك بعض الشركات الطبية تسعى لأن تصنع أدوية تعتمد على هذا العنصر، الخلاصة علينا الرجوع للعلم في كل شيء خصوصا في هذه الجوانب.
بالنسبة لنا في بلادنا الغالية، ماذا علينا أن نقوم به لكي نساهم في الحد من هذه الأمراض، وتقديم خدمة إنسانية للمجتمع؟
اشكرك على هذا السؤال، نحن لدينا كافة الإمكانيات التي تؤهلنا للقيام بدور ما في هذا الجانب، علينا أن نقيم بنية بحثية متكاملة، مع توافر الدعم المالي والمعنوي والقانوني للأبحاث، والاستثمار في العقل البشري منذ بداياته، ودعم حركة الاستثمار في البرامج التعليمية، وبناء جيل يولي عناية بالعلم التطبيقي ليتوافق مع الجانب النظري، ففي بلاد العالم في الوقت الحاضر يتم دراسة وقراءة البحوث المحكمة المعتمدة الحديثة للطلاب، خاصة وان الاكتشافات مستمرة، فالتطعيم المضاد للسل الذي سبق ذكره تمت دراسته لثمان سنوات وتم تطبيقه على اكثر من 282 مريضا وثبت نجاعته علميا لمعالجة السكر، وبالتالي فإن البحوث قائمة في العالم، فأي مرض قد يكون اليوم مستعصيا قد نجد له علاجا في المستقبل. ومن المهم جدا استقطاب العلماء من شتى بلاد العالم لتعليم أبنائنا وتدريبيهم، في ظل بيئة بحثية مشجعة.
بحكم كونك استاذا تحت يديك عدد من طلبة الدكتوراه، ماذا تعمل لترسيخ الحالة العلمية لدى الطلاب؟
اتعامل مع الطالب على أنه عالم، وأسعى لترسيخ فكرة البحث والتفكير فأطلب منه متابعة النشر البحثي بشكل يومي وأعطيه فكرة كبيرة ليقرأ عنها ويقدم لي ملخصا عنها، ومن ثم الاستماع إلى تحليله وطريقة فهمه للنتائج وطريقة تطبيقها وإمكانية الإتيان بفرضية حديثة ودراستها بطريقة مبتكرة، وقد وأسعى لتشجيعه للتفكير دائماً خارج الصندوق.
بعد هذه المسيرة ربما كان سؤالا هاما ماذا تحقق من إنجازات على هذا الصعيد؟
كما قلت لك في البداية كنت أولى هذا التخصص اهتماما خاصا، وكانت ضالتي العلمية، فلا بد من متابعة الأحداث على هذا الصعيد، فليس لدينا غير الاطلاع على المستجدات والمشاركة في العديد من المؤتمرات العلمية الدولية المتخصصة في العلاج الجيني والمناعي، والتي تتناول في الغالب أمراض المناعة، والأمراض الوراثية، والأمراض المعدية والسرطان، وقد تكللت هذه الجهود وهذه الدراسات والمؤتمرات بتحقيق بعض الإنجازات هي بداية الطريق فقد حصلت على براءتي اختراع في العلاج الجيني والمناعي للسرطان والأمراض المعدية تحملان الرمزين: «WO2016049022: WO2011133870»، كما نشرت 29 بحثا في مجلات علمية عالمية محكّمة، وشاركت في كتابة مراجعة علمية وكتاب متخصص في علم العلاج الجيني، وأنا مؤسس «ضمن فريق بحثي يضم أربعة مؤسسين» لأبحاث العلاج المناعي ضد فيروس نقص المناعة المكتسبة «الإيدز» في جامعة ولاية ميتشغن، وحصلت على عدد من المنح العلمية أبرزها منحة من المعهد الأمريكي الوطني للصحة «NIH» للقيام بأبحاث متخصصة لدراسة وتطوير علاج مناعي ضد فيروس نقص المناعة المكتسبة بقيمة $425,000,00 وكذلك حصلت على منحة من هيئة الأبداع وريادة الأعمال في ولاية ميتشغن «MIIE» لتطوير علاج مناعي ضد سرطان القولون بقيمة $65000,00 وحصلت على جائزة الباحث الشاب من الجمعية الامريكية الدولية للتدفق الخلوي GLIIFCA. كل هذا فضلا عن كوني عضوا في الجمعية الامريكية لعلوم المناعة، والجمعية الامريكية للعلاج الجيني والخلوي، والجمعية الامريكية للتخطيط الاستراتيجي.
وإلى أين وصلت في ابتكاراتكم العلمية؟
ابتكرت فيروسا معدلا وراثيا «rAd5 - EAT - 2»، ولدى تواصل مع احدى شركات الأدوية، وقد تم استخدام ونشر أبحاث علمية باستخدام هذا الفيروس على حيوانات التجارب من قبل بعض العلماء لغرض دراسة إمكانية تطوير لقاح لأمراض «الملاريا، الإيدز، وسرطان القولون»، ونعمل على ترخيصه لشركة أدوية لتطويره تطبيقه لعلاج كعلاج مناعي جيني حديث للسرطان لسرطان القولون، ونعمل أبحاثا لإنتاج تطعيم ضد فيروس الإيدز وذلك بعد معرفة الخلل المناعي للفيروس.. تمر هذه الأبحاث بتجارب عديدة من المختبر ثم التطبيق على حيوانات التجارب، ثم الحيوانات الأكبر، ثم الإنسان.
لقد قيل أن شركات الأدوية ترغب في بقاء المرض كي تستفيد، ما مدى صحة هذه المقولة؟
شركات الأدوية هي شركات استثمارية بالدرجة الأولى، ويهمها الحصول على الدواء الناجع لكي يتم تسويقه ويحققون من خلاله الأرباح، ويحدث أن يتواصلوا مع الجامعات ومراكز الأبحاث ويمولوا بعض الأبحاث، وثبت أن الاستثمار في الأدوية من أنجح الاستثمارات في العالم، وهذا دليل واضح على أهمية الاستثمار في العنصر البشري والقيام بأنشاء منظومة بحثية متكاملة في بلدنا الغالي، وذلك لخدمة الهدف الاستراتيجي للدولة وهو تنويع مصادر الدخل والاستغناء عن النفط كمصدر وحيد لدخل الدولة.
في الختام اشكرك خالص الشكر
الله يوفق الجميع، ويواليكم الصحة والعافية.