الاحساء تضم أحد عشاقها، وتفتقد ضياءه
استيقظت الإحساء اليوم الأربعاء على خبر حزين، وكانت قبل أيام ترتدي أحد اثوابها السعيدة - بعد إعلان ضمّها في قائمة التراث العالمي من قبل هيئة اليونيسكو - حين نالت نصيبا من الإحتفاء بخيراتها التي لاتنضب كالأم الرؤوم والتي احتضنها بمحبة أبناءها، ومنهم المرحوم الشيخ والمؤرخ جواد حسين الرمضان.
ابن الإحساء الذي يتحدّث بكل عفوية عن تاريخه، ومسيرته، كأحد ثريّاتها ليلتقط، يجمع، من هنا وهناك بعض أخبارها أوصالها تاريخها ومن عاش فيها، وأثراها بكل رائحة ونفس وشاردة وواردة مرتبطة بها اذا كان لها معنى ينعش الذاكرة برسم الخارطة لإرثها التاريخي..
”احرص على كل كتاب يتناول الإحساء خاصة في التاريخ، وهي كتب كل منها يكمل الآخر، ويعتبر كتاب“ تحفة المستنير ”للشيخ محمد العبد القادر، ثم كتاب عبدالله الشباط، ثم الشيخ عبدالرحمن الملا، ثم عبدالله السبيعي، كل من هذه الكتب مكمّلة للآخر، وهناك حلقات مفقودة عن تاريخ الإحساء، هناك عهود كاملة لانعرف عنها شيء“.
ابن الإحساء الذي كعادتها يعطي بمحبة، ولا تفعل ولا يفعل غير انتظار إشراق الشمس، والعمل الدؤوب، فهو يجمع المخطوطات، ويكتب، وربما لم يطبع: ”بموجب البحث المستمر اكتشف معلومات جديدة، وأحاول ان استوفي الموضوع، ولعدم الامكانات المادية، وأخيرا عرض علي رجل الأعمال الكويتي وهو الشيخ حسين بن علي القطان“ بو بشار ”لطباعة أحد مؤلفاتي، طبع المؤلف الأول وهو عبارة عن جزئين من كتاب“ مطلع البدرين ”في تراجم علماء وأدباء الإحساء والقطيف والبحرين“.
ويعرف أن اليوم الذي سيحتاج فيه الآخرون للإرث فهم يعلمون أين يجدوه ”لدي اهتمام بجمع المخطوطات، اشتريت المخطوطات من تركات بعض المشايخ بعد وفاتهم، وبعضهم حصلت عليه من كهوف جبل القارة، وبعضها له قيمة أثرية في النحو والألوفيات والأجروميات والفقه وأصول الدين، وبعضها مجاميع أدبية لشعراء غير معروفين، ومن المخطوطات، والمجاميع الأدبية، والوثائق العقارية توصلت الى معرفة الكثير من المشايخ والشعراء والأدباء، ووفقت في الحصول على الكثير من المخطوطات من قِبل الأسر الكبيرة، في الإحساء أسر عريقة في العلم والأدب“.
”هناك شعراء ليس لديهم دواوين معروفة جمعت شعرهم في دواوين خاصة بهم، ومن الوثائق العقارية والصكوك استفدت في معرفة الأنساب والقضاة والمشايخ“
”وأول كتاب اشتريته ديوان للشريف الرضي بسبعة ريالات وهو مبلغ غال في ذلك الوقت، وكتاب مدمع العشّاق لزكي مبارك من مكتبة التعاون الثقافي عام 1376“.
كان يفتح قلبه في يوم معين ربما يكون يوم الجمعة، او قد يكون غيره، كما يفتح مكتبته، ومن أراد سؤاله، لكل طالب علم، ومن يجد لديه شغف حقيقي، ربما رأى ان هؤلاء هم طلاّب العلم حقا، وربما ذكّروه بنفسه، او لأن الوقت يداهمه أحيانا، او ربما بكل بساطة لم يشغل باله بكل ذلك، فهو ابن مرحلته، وهو من يحدد أولوياته، ومن حوله بالتأكيد من سيكملون المسير، ويكفي كونه ملهما، وكانت قلوب من تحنّ للتراث تهوي إليه..
من مؤلفاته:
1 - مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرين، 12 جزء.
2 - أعلام الأحساء في العلم والأدب لسبعة قرون من سنة 800 هجرية، 3 أجزاء.
3 - صحيح الأثر في تاريخ هجر.
4 - قلائد الجمال في تراجم مشائخ آل رمضان.
5 - المغانم في تراجم آل أبي المكارم.
6 - أنساب الأحسائيين.
7 - كشكول أدبي، 4 أجزاء.
8 - ديوان أحسائيات.
وغادر الإحساء اليوم الاربعاء وهو يراها في أبهى حللها، بعد أن أوفى معها فأوفت له بقبلة ندية، عن عمر يناهز84، وكانت وفاته في مستشفى بن جلوي في الإحساء،
”أفكر في عمل متحف خاص بمخطوطاتي إذا مدني الله بالاجل وتوفرت لي الامكانيات“.
وسيشيّع جثمانه غدا الخميس، بعد صلاة المغرب مباشرة في مقبرة الخدود بالهفوف.