آخر تحديث: 21 / 12 / 2024م - 5:28 م

هل يعد إرسال الإيموجي تحرشا

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

نحن قوم غريبون، نترك الموضوع ونمسك بذيله، نلف وندور حول الأطراف ولا نحبذ أن ندخل في العمق، وهكذا حين أُقِر نظام مكافحة التحرش في السعودية قبل أيام قلائل، تحول النقاش العام من ذاك المفترض عن أهمية القانون في أمن وحماية حقوق الإنسان ضد الإنسان الآخر المنفلت من كل الأخلاقيات والقيم وعن كرامة وحرية الإنسان، وأنها من ضمن حقوقه الطبيعية التي نصت عليها جميع الشرائع الدينية والتي حرص عليها الإسلام وجعلها من أولياته.

تركنا الموضوع، بكل مسؤوليته الإنسانية وأهميته الاجتماعية وخطورته الأخلاقية، ومسكنا بالقشور السطحية فكان السؤال الملح: هل «الإيموجي» أو «فيسات التطبيقات» تدخل ضمن جريمة التحرش؟

وكأن النظام أقر لمكافحة «الإيموجي» وليس «التحرش»! دع عنك المبالغات، إن وجدت، وضع جانباً رسوم «الإيموجي» وتطبيقات الفيس، تلك فعلياً ليست هي القضية، القضية الحقيقية، هي أخلاقية في عمقها، تتناول طبيعتنا كشعب، مصداقيتنا، رؤيتنا لأنفسنا، مدى إيماننا بالقانون، مدى اعتقادنا بالمساواة كبشر، ووعينا بأهمية القضاء على التمييز العنصري بكافة أنواعه، وإيمان الدولة بحماية المرأة والطفل والمُسن، إضافةً لذوي الاحتياجات الخاصة ورد حقوقهم المسلوبة.

دعونا ننظر لهذه الأنظمة الجديدة التي تحمي جميع شرائح المجتمع السعودي بأنها ليست مجرد نصوص مدونة في مواد قانونية، بل هي ممارسة نهج عدالة وإنصاف؛ بداية ونهاية، بمبدأ احترام كرامة الإنسان، حين نقف جميعا كمواطنين مدفوعين بثقافتنا ووعينا الإنساني على سبيل المؤازرة لهذه الأنظمة الرادعة. ليس الموضوع موضوع رسائل تعبيرية على برامج المراسلة الفورية أو تطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي، فقد أجاب عنها اللواء التركي بكل وضوح: بأن استخدام الإشارات ذات المدلول الجنسي يعد جريمة تحرش، مؤكداً أن هذا النوع من الإشارات وأن مفهوم التحرش الجنسي بشكل عام يعرفه جميع الناس ويفهمون المقصود به، ولا يمكن أن يختلف اثنان على كون أمر ما متضمناً للمدلول الجنسي أو لا.

فلننطلق من «الإيموجي» لموضوع التحرش الإلكتروني فلنأخذ مثال التحرش بالأطفال، فهو أصبح من القضايا الشائعة في العصر الجديد في كل مجتمعات العالم عبر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، والبريد الإلكتروني، والعالم الافتراضي، وغرف الدردشة، والإعلانات الإلكترونية.. وحتى عبر التعليقات المخلة بالآداب على الصور والمواقع الشخصية. مجتمعات العالم أدركت ذلك وبدأت بتنظيم برامج تعليم كيفية التحدث للأطفال عن أخطار التحرش الجنسي الإلكتروني. نعم قد تختلف القوانين الدولية حول فرض عقوبة ضد «المتحرشين» إلكترونياً، ولكنها تتفق جميعها على تصنيفها ك «جريمة» تستحق العقوبة متى ما استقامت أركان الدعوى وبان الضرر، كما اتفقت الغالبية العظمى من الدول المتقدمة «تقنياً» على توصيف هذا النمط بالسلوك الانحرافي الملزم للعقوبة حسب ما تفرضه الدولة، إذ أصدرت الولايات المتحدة الأميركية عدة قوانين محلية و«فدرالية» تجرّم أفعال المتحرشين الذين اتخذوا من وسائط التقنية وسائل لمعاكسة الآخرين.

أخيرا أقول: قانون مكافحة التحرش الجديد لم يغفل عن المعتدين في الشبكات العنكبوتية من مواقع التواصل الاجتماعي فهو كما لاحظنا يميل بشكل قوي جدا نحو حماية الأضعف من الأطفال، وذوي الاحتياجات الخاصة، والذين يعملون تحت سلطة من يتعدى عليهم بالتحرش.