رمضانيات ”12“
العضيد او النصير احد العوامل الرئيسيّة، لضمان استمرارية المسيرة، وعدم اندثارها خلال فترة زمنية قصيرة، فضلا عن كوّن النصير بمثابة الظهر، والسند للدفاع عن القيادة بمختلف الأوقات، لاسيما وان ”اليد الواحد لا تصفق“ كما يقال، وبالتالي فان المشاريع الكبرى تتطلب وجود أنصار، لمواصلة الدفاع عنها، في وجه الأصوات المعارضة، مما يعطي القيادة القدرة على التحرك بحرية، نظرا لوجود أطراف قادرة على التضحية، في سبيل الدفاع عنها وكذلك اصحاب المشاريع.
التمحيص الدقيق، وعدم التسرع في اختيار العضيد، يشكل احد العناصر في عدم التراجع او الانسحاب وقت الوثبة، فالقيادة تسعى من وراء اختيار الصفوة، من العناصر الاعتماد عليها كثيرا، في نشر الافكار واظهار الطاعة العمياء للأوامر، لاسيما وان عملية الانصياع للإرشادات والأوامر، عملية صعبة لدى الشريحة الواسعة من الناس، الامر الذي يستدعي اختيار عناصر قادرة، على ترجمة الأوامر على الواقع، وبالتالي فان الدراسة الدقيقة للأنصار قبل الاعتماد عليها، تحول دون الوقوع في الخديعة، مما يسهم في سرعة الانتشار، والقدرة على تكريس المشاريع على ارض الواقع، ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُون﴾.
البحث عن النصير ليس ترفا، او تعزيزا الوجاهة الاجتماعية، لاسيما وان العمل الجماهيري يتطلب استقطاب عناصر تمتلك الرؤية، والقدرة على استيعاب تحركات القيادة، مما يدفع القيادة لاختيار شخصيات، وعناصر مخلصة، لإطلاعها على الأسرار، نظرا لما تمتلكه من مؤهلات عقلية، وقدرة على التحمل، والصبر على المصاعب، في وجه التحديات المختلفة، ﴿قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ? قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّه﴾، بمعنى اخر، فان الخصائص التي يمتلكها النصير، تمثل المعيار في الحصول على شرف النصرة، فهناك الكثير من الانصار يتساقطون في بداية الطريق، والبعض الاخر في المنتصف، فيما القلة تبقى متمسكة بالقيم، والبقاء على الولاء، حتى النفس الاخير ﴿فما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيل﴾“.
كثيرا تتطلب المشاريع الكبرى، وجود شخصيات استثنائية، خصوصا وان المهمات الضخمة بحاجة الى رجال مخلصين، ويمتلكون الشجاعة، والهمة العالية، مما يعطي المشاريع الضخمة ابعادا غير اعتيادي على الاطلاق، فالاعتماد على العناصر الضعيفة تضر بقدر ما تنفع، وبالتالي فان القيادة تضع في الاعتبار معايير خاصة للاختيار، لاسيما وان الفشل في الامتحانات الصعبة، يؤدي الى انهيار المشروع، او يعرقل الخطط المرسومة، وفقا للجدول الزمني، مما يقود في النهاية لانهيار شبه تام، او فشل كامل، ﴿هَارُونَ أَخِي «*» اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾، ”الصديق قبل الطريق“.
عملية الفشل في اختيار النصير، مرتبطة احيانا بفقدان القدرة، على التمحيص المطلوب، بحيث يتحول النصير الى وباء ونقمة، نظرا لما يشكله من تهديد كبير، على ديمومة المشروع، فهو غير قادر على استيعاب التحركات المرحلية، وفاشل في ترجمة الاهداف الاستراتيجية، وبالتالي القيادة لا تجد مناصا في محاولة خلق البدائل المناسبة، من اجل تفادي التداعيات المترتبة، على الفشل في اختيار النصير المناسب.