آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 6:00 ص

واضربوهن

علي البحراني

فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا «*» [ سورة النساء] الآية 34

مقدمه: -

الصالحات قانتات حافظات للغيب.

السؤال: ما علاقة الغيب في حفظه من الصالحات القانتات؟

هنا الله يقول أن اللاتي يحفظن أزواجهم حال المغيب عنهم في السفر أو الخروج أو العمل فهن حافظات له الغيب أي أنهن يحفظن فروجهن له حال غيابه وبما حفظ الله في أرحامهن من غيب الحمل فهن حافظات له.

أي إذا حملت من زوجها فإنها تحفظه له من الدنس والخيانة،

أما اللاتي تخافون نشوزهن «أي خيانتهن» وهنا ليس القطع بالخيانة أو اليقين فهذا له شأن آخر بل اللاتي تخافون أن يخنكم في غيابكم وقد أوجستم منهن خيفة الخيانة،

فلاحظوا كيف جاء التصرف والحكمة بعيدة عن الفضائح وهدم الأسرة لشك أو ظن وعبر عنه بالخوف فالعلاج باللين والتسامح والحل الإحيائي

فهجروهن في المضاجع واضربوهن

هنا المضاجع توسطت الهجران والضرب، لو تأملنا هذه السياقات في الآية الكريمة نجد أن المضاجع عامل مشترك للهجر وللضرب فلماذا؟ وما هي الحكمة؟

فعندما تخافون خيانة زوجاتكم حين الغيب وقد لمستم أو رأيتم ما يدعو لخوفكم أو رأيتم قرائن ريبكم فيهن فاهجروهن في المضاجع حتى تتأكدون طهارة أرحامهن من الحمل

فقد توسطت المضاجع الهجران والضرب ففي الهجران مفهومً دور المضاجع فما دوره في الضرب؟

لنعرف معنى الضرب

عندما يقول العرب مضارب البادية أي مكان سكنهم وتكاثرهم وتناسلهم، والضرب هو إدخال شيء في آخر، عندما تريد أن تستخرج الماء من الأرض الصخرية فإنك تدخل الخازوق في الصخر لتحفر فيه واضرب بعصاك البحر أي بقوة التابعين لك الرمزية بالعصا مرهم أن يدخلوا ما يحفر الصخر واستخراج الماء منه، واضرب لهم مثلا أي آت لهم بمثل، وضراب الإبل هو تزاوج الإبل ومجيء البعير للناقة بعد أن تضع حملها أو أن تكون خالية الرحم من بعد العزل وهكذا هو ضراب الماشية والذي ينطبق اللفظ ومعناه على هذه الحالة من الإشكال الأسري،

فلماذا جاء الضرب ولَم يأتِ بالمضاجعة أو النكاح

فالنكاج في أي وقت حتى لو كانت الزوجة حبلى في أب وقت أما الضرب فهو الإيتاء دون الحمل وتأكيدا لا ظنا لذلك قال اهجروهن لتمر عليها دورتها فتؤكد أنها ليست حبلى ثم اضربوهن والضرب هنا هو النكاح بعلم أن الرحم طاهر نظيف خال من الحمل «الزيجوت الملقح».

وبذلك تتجلى الآية العظيمة في حل الشك أو الخوف أو الريب في خيانة الزوجة فيكون الحل علميا منطقيا إن تأكدت من سلامة الرحم فاضربه حين الخوف لا حين اليقين، وبذلك لا يكون الفهم منه الاعتداء والتعنيف الذي يمقته الدين ويتعارض مع الخلق العظيم للشريعة المقدسة ولا يكون لهذا الفهم الملتبس مكانا للإدانة الانسانية والامتهان للزوجة وأم الأولاد واللباس والمودة والرحمة

اذ كيف يكون الجعل بينهما مودة ورحمة ثم تعتدي عليها بالضرب اَي التعنيف والاعتداء، علينا الغوص في معاني ومقاصد الشريعة السمحاء بالقيم والأطر التي أشار اليها القانون المقدس وليس متعارضا معه في تصلب للفهم البسيط.

وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا «*» [ سورة النساء] الآية 128

ما الفرق بين النشوز والاعراض؟

وما الفرق بعدها بين التمرد والإعراض؟

هذه الآية من مبدأ القرءان يفسر بعضه بعضا يتضح أن النشوز ليس التمرد فالإعتراض هو التمرد والعناد أو عدم الاستجابة وليس للقرءان هوان كي يأتي بكلمتين بينها أو ليأتي المعنى

عنادا «تمردا» أو إعراضا فتكون تكرارا لنفس المعنى

وإنما للنشوز معنى مختلف عندما نربط بين التهمتين أو الشك بالخيانة من الطرفين كيف يكون التعامل بينهما ففي حالة شك الرجل يكون التأكد بالهجر حتى يتأكد من إتمام الحيض للمرأة فيطمئن من ذلك وقلنا في حالة الشك وليس اليقين ولأن المرأة محصنة بحصن الزوجية ولا مجال لها غير زوجها أما حالة نشوز الرجل وهو شك زوجته به فبالاصلاح والصلح خير لأن الرجل يمكنه الزواج والتمتع وملك العهود والمواثيق. وهو اليمين وليس الملكية العبودية فهنا شك المرأة في زوجها قد لا يكون في محله كما هو شك الرجل في زوجته الا أن التعامل مع الحالتين مختلف.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
طاهرة آل سيف
[ صفوى ]: 26 / 5 / 2018م - 3:15 م
مسألة الضرب مسألة شائكة واستمسكها المعادين للإسلام بشكلٍ مقيت ، حتى حملوا بها أبناء الإسلام مالاطاقة لهم به على فهمها ، أشكرك على جميل الإيضاح ، وفقكم الله لكل خير .