رمضانيات
التكافل الاجتماعي من ارهاصات شهر رمضان المبارك، حيث يلاحظ نشاط غير اعتيادي في تقديم المعونة، والمساعدة للاسرة المحتاجة، اذ تعمد الكثير من الجمعيات الخيرية، على تقديم المساعدة للعوائل الفقيرة، مما يسهم في التقليل من المعاناة التي تكابدها تلك الاسرة، وبالتالي فان العوائل المحتاجة تشعر بنوع من الراحة بوجود شرائح اجتماعية تتحسس معاناتها مع دخول الشهر الفضيل.
لا يقتصر التكافل الاجتماعي لمساعدة الاسرة المتعففة، على الجمعيات الخيرية المنتشرة في مختلف المناطق، وإنما تقوم لجان أهلية بجهود ذاتية، وتبرعات شخصية بأعمال جليلة منذ سنوات، خصوصا وان المساعدات المقدمة من بعض الجمعيات الخيرية، غير قادرة على تغطية الاحتياجات الحقيقية، مما يفرض تحرك اللجان الاهلية سد الثغرة، بما يحفظ كرامة الاسرة الفقيرة، اذ تقوم اللجان الأهلية بالاستعداد لموسم شهر رمضان مبكرا، عبر توفير الاموال اللازمة، لتجهيز السلة الرمضانية، وكذلك تقديم المساعدة لكسوة العيد.
انتشار ثقافة التكافل الاجتماعي، عنصر حيوي للحفاظ على الروابط الاجتماعية، خصوصا وان التفكك الاجتماعي يولد حالة من الكراهية، لدى بعض الاسر الفقيرة، مما يدفع في بعض الاحيان للاقدام على ممارسات، واعمال اجرامية، كنوع من التعبير عن حالة الانتقام تجاه حالة التجاهل، وعدم الاهتمام، وبالتالي فان الشعور بمعاناة الشرائح الفقيرة، يعكس الاحساس بالمسؤولية، في سبيل التخفيف من صعوبات الحياة، التي تكابدها الاسر الفقيرة على الدوام.
التكافل الاجتماعي يؤسس الى نمط اجتماعي، داخل المجتمع الاسلامي، اذ يحول دون امتهان كرامة الفرد المسلم، خصوصا وان عملية التبرع، وتقديم المساعدة في كثير من الاحيان، تتسم بالسرية، مما يعزز الحفاظ على الكرامة، فهناك الكثير من الفقراء يشعرون بالمهانة، بمجرد تقديم المساعدة في العلن، بينما يكون الوضع مغايرا حينما تقديم المساعدات تحت جنح الليل، بعيدا عن الاعين، بمعنى اخر، فان إظهار الفقر لدى بعض الاسر المتعففة امر مرفوض، نظرا لما يمثله من اراقة ماء الوجه، مما يدفع تلك الاسر لتحمل الجوع والعطش، مقابل الحفاظ على الكرامة.
شهر رمضان محطة سنوية قادرة، على شحن القلوب بقوة اخلاقية، قادرة على تحويل اللامبالاة، الى الاحساس بالمسؤولية، خصوصا وان التحرك لنيل رضوان الله، يدفع الأغنياء على تقديم جزء يسير من الاموال، في سبيل التخفيف من الفقر، الذي ترزح تحته بعض الاسر، فالغني يشكر الله على توفيقه، في تسخير جزء من امواله، في إشباع البطون الجائعة، خصوصا والأجر والثواب على مساعدة الفقراء كبير، الامر الذي يفسر الإقبال الكبير من لدن العديد من الشرائح، على إظهار التكافل الاجتماعي على مدار العام، بيد ان مظهر التكافل الاجتماعي، يتجلى مع اقتراب الشهر الفضيل، لما يمثله رمضان المبارك، من فضيلة على بقية شهور السنة، “أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اللهِ بِالْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ. شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ اللهِ أَفْضَلُ الشُّهُورِ، وَأَيَّامُهُ أَفْضَلُ الأَيَّامِ، وَلَيَالِيهِ أَفْضَلُ اللَّيَالِي، وَسَاعَاتُهُ أَفْضَلُ السَّاعَاتِ. هُوَ شَهْرٌ دُعِيتُمْ فِيهِ إِلَى ضِيَافَةِ اللهِ، وَجُعِلْتُمْ فِيهِ مِنْ أَهْلِ كَرَامَةِ اللَّهِ "