القدس.. انتفاضة مستمرة
أظهر الجيش الاسرائيلي جزء يسيرا، من حقده الدفين تجاه الشعب الفلسطيني، فقد تعامل بوحشية وبربرية ليست مستغربة، مع مسيرة العودة المستمرة منذ أسابيع عديدة، الامر الذي تمثل في سقوط اكثر 40 شهيدا، ونحو 2000 جريج، خلال المظاهرات المنددة، بقرار الادارة الامريكية نقل سفارتها للقدس، والاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة لاسرائيل، وذلك بالتزامن مع النكبة الفلسطينية قبل 70 عاما.
قرار الرئيس الامريكي، بنقل السفارة الى القدس، يؤسس لمرحلة جديدة، لا تقل فظاعة عن العقود السبعة الماضية، من الاحتلال الاسرائيلي، خصوصا وان الادارة الحالية تمتاز عن الإدارات السابقة، بالتماهي الكامل مع سياسات تل ابيب، مما يضع الشعب الفلسطيني امام تحديات حقيقية في الفترة القادمة، نظرا لإدراك الحكومة الاسرائيلية مساندة واشنطن الدائم لها، لمختلف ممارساتها الاجرامية تجاه الشعب الفلسطيني، وبالتالي ستعمل على الاستغلال الأمثل لفترة الرئيس ترامب.
الموقف البائس للجامعة العربية، وتفكك الموقف السياسي العربي، والأوضاع الصعبة، التي تعيشها بعض البلدان العربية، وحالة الانقسام العربي، عوامل اساسية في تصلب الموقف الامريكي، فادارة ترامب تدرك حالة الضعف العربي، وغياب الاجماع والقرار الموحد، وبالتالي فان الاحتجاجات التي صاحبت قرار النقل أواخر عام 2017، لم تجد اصداء لدى الادارة الامريكية، الامر الذي تمثل في نقل السفارة بشكل الى القدس، باعتبارها عاصمة الاحتلال الاسرائيلي.
المراهنة على الموقف العربي، والتعويل على المواقف الدولية، واللجوء الى الامم المتحدة، ليست ذات جدوى، خصوصا وان ادارة ترامب ضربت بالقرارات الدولية عرض الحائط، من خلال الأقدام على خطوة احادية، لا تحظى بموافقة مجلس الأمن، فضلا التأييد الدولي، مما يعني ان التصعيد من جانب السلطة الفلسطينية، يمثل الخيار المتاح في المرحلة الراهنة، نظرا لافتقارها للأوراق الضاغطة على واشنطن خلال الفترة الماضية، مما دفع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بوصف قرار نقل السفارة الامريكية الى القدس، ب ”الاستيطان الامريكي“، و”البؤرة الاستيطانية الجديدة“.
التعويل على التحركات الشعبية، في الاراضي الفلسطينية المحتلة، يمثل الخيار الاستراتيجي، للتقليل من الخسائر المترتبة، على قرار نقل السفارة الامريكية للقدس، فمواصلة المظاهرات السلمية، ومواجهة الرصاص بصدور عارية، سيرفع أصوات العالم المعارضة للممارسات الاسرائيلية، الامر الذي يفتح هامشا للمناورة السياسية، امام السلطة الفلسطينية، للعبور للمرحلة القادمة، بعزيمة وقوة للثبات، على الموقف الرافض لقرار واشنطن.
الانقسام الفلسطيني، يبقى التحدي الاكبر في المرحلة الحالية، والمفصلية، فاستمرار الخصام السياسي، بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، يلقي بظلاله على القرار السياسي الفلسطيني، سواء الصعيد العربي او الإقليمي، مما يستدعي اعادة احياء المفاوضات لرأب الصدع، واعادة اللحمة الوطنية، بما يخدم قضية الشعب الفلسطيني، والتحرك المشترك لمواجهة التحديات، التي تواجه قضية الشرق الأوسط، في المرحلة الراهنة.