الغبار : هل هو فرصة استثمارية ام مشكلة ابدية في البلاد العربية
الغبار الترابي الذي حل بالمنطقة خلال الايام الماضية ومازال اتخذته عنوانا للمقال بناء على تساؤل كمدخل حوار اثاره احد الزملاء بهدف تبادل وجهات النظر ونقل الخبرات في معالجة الاثار المترتبة من موجات الغبار المتلاحقة.
امتد بصري الى محاور نقاش خارج الصندوق بهدف ايجاد استنهاض حلول هندسية تجاربية لمنع تسرب الأتربة والغبار الى داخل المنازل والمطاعم والمكتبات وتوظيف تلك الحلول اقتصاديا.
ومنبع انطلاق الحوار هو تكرار اجتياح العواصف الترابية في مناطقنا العربية في فصل الصيف الممتد لأشهر طويلة وردود الفعل التي تتراوح مابين الاكثرية المتكيفة مع الوضع وان على مضض وامتعاض شديد واخرى الباحثة عن حلول واخرى المتاجرة موسميا كمقاولي النظافة وادوات التنطبف وادوات العزل الترابي.
شخصيا ارى ان موضوع ايجاد معالجات هندسية مبتكرة لمشكلة تسرب الأتربة «الغبار» للمنازل والمطاعم والمكاتب هو موضوع ذو قيمة اقتصادية ويستحق إذكاء روح البحث عن حلول جذرية وفاعلة لمشكلة بيئية نعايشها في منطقتنا منذ الازل.
ولعل مشكلة العواصف الترابية وكذلك مشكلة زحف الرمال ونقص المياة هي تحديات بيئية متفاقمة وقد تؤدي بعض او كل تلكم التحديات البيئية مجتمعة الى احداث كوارث اقتصادية وانسانية ك الهجرة المعاكسة وتوقف الصناعة وضياع استثمارات.
واكبر شاهد عيان يلوح حاليا هو نقص المياه الشديد بمدينة Cape Town الجنوب افريقية. لطفا الاطلاع على الرابط التالي:
https: //www. google. com/amp/s/qz. com/1272589/how - cape - town - delayed - its - water - disaster - at - least - until - 2019/amp/
استحضرت في مخيلتي صور عدد المهندسين المواطنين الذين يتخرجون من الجامعات العربية والغربية كل عام الى جانب صورة جفاف اراضي مجتمعاتنا من الحلول الجذرية لمشاكلنا البيئية والمناخية على ايدي ابناء المجتمع نفسه.
قد نسمع بين الفينة والاخرى عن وجود حلول لمشكلة التصحر ولكن لا نُسجل تطبيق فعلي لها او قد تكون الحلول مكلفة ماليا او مستنزفة لموارد مائية او حلول تتسبب بمشاكل واصرار اخرى اكثر خطورة.
لعلي لا اخفيكم سرا اني اقترحت واعيد طرح المقترح هنا بطلب اطلاق ماهو اقوى من برنامج Arab Got Talent الموسيقي الباذخ في الجوائز الى تبني برنامج Our Talent Got Solutions لطرح حلول لمشاكل نابعة من بيئة اي تجمع بشري بايدي ابناء نفس المجتمع.
يعول البعض الفشل في ايجاد الحلول لمشكلة تسرب الغبار والاتربة، على انها فشل ادارات الهندسة في كود البناء المعمول به او مواصفات واشتراطات تراخيص البلدية الشكلية للبناء.
والبعض يعول الاسباب على ان استهلاك الميزانيات في تكاليف البناء الباهظ على مواد البناء الهيكلية بودي الى الغاء جوانب عديدة من جوانب البناء التشطيبي المتقن؛ والبعض من الناس ينتظر الحلول المستوردة من بيوتات الهندسة اليابانية والامريكية والالمانية والكورية ولنا في الوطن العربي امثلة عده وعلى سبيل الاستشهاد نذكر المكيفات air conditions كمثال صارخ.
الجميع يُدرك بان العالم العربي بمجمله يقطن في بيئة صحراوية او شبه صحراوية ومناخ حارة وجاف بشكل عام وعليه اضحى لزاما على المهندسين المحترفين اغتناص الفرص بايجاد حلول مبتكرة والاستمتاع بالعائد الاقتصادي لذلك.
على سبيل المثال المهندسون الميكانيكيون المحليون عند إجادتهم لتطبيقات مواد انتقال الحرارة heat transfer بكل تفرعاتها وسبل ادارتها بحيزات مختلفة لتفعيل حلول ناضجة واقتصادية سيستمتعون بعوائد مالية مجزية تغنيهم عن البحث عن اي وظيفة وعبودية الدوام.
وتوظيف تلكم الدراسات لـ مواجهة تحديات الظروف المناخية والموقع الجغرافي الذي نعيشه والخروج بحلول مبتكرة او محسنه لما هو قائم هو مطلب وطني واقتصادي وانساني.
منذ فترة من الزمن ومع اعتماد لائحة العمالة المؤقتة والمستأجرة، لاحظت كل صيف شروع الكثير من ارباب الاسر بجلب عمالة منزلية لمساعدة أزواجهن في تنظيف أفنية المنازل وداخلها من الغبار والأتربة.
لك ان تتخيل الاستنزاف الاقتصادي التالي ك نتاج لكل موجة غبار وأتربة تضرب اي دولة عربية:
- التنظيف بالاستعانه بايد اخرى: تكلفة الساعة العاملة المستأجرة من المكاتب المتخصصه هي تتراوح بين 34 - 40 ريال الساعة اي 9 - 11 دولار امريكي للساعة الواحدة مع اشتراطات محددة وحجم سوق كبير.
- استيراد وتبديل فلاتر مكيفات ومكائن من عدة دول غربية لكل اصناف السيارات الموجودة بالبلاد ليس نتيجة استهلاك عادي وانما نتيجة للغبار وحفاظا من اصحاب السيارات على أداءها.
- استيراد اجهزة أكسجين طبي خاصة للوفاء بحاجة مرضى الربو في كل بلد لا يصنع تلكم الاجهزة.
- استيراد وتركيب ملصقات مختلفة المقاسات للوفاء بحاجة تقليل تسرب الأتربة من خلال ثغرات الابواب والنوافذ.
- استيراد واستهلاك كبير لكميات سيلكون عازل لسد فتحات المكيفات الجدارية.
- انطلاق اعمال التنظيف والصيانة المنزلية للمكيفات بكل انواعهاكنتيجة لتكدس الاتربة في فلاتر المكيفات والمبدلات الحرارية.
طبعا كما لا يمكن ابطال ظاهرة سقوط الثلوج في شمال كندا، ايضا لا يمكن ابطال ظاهرة نزول الغبار على الكثير من المدن العربية ولكن حتما هناك وسائل واجراءات وتوصيات تقلل من أضرارها على جميع الاصعدةً.
من خلال زيارات خاطفة لعدة جامعات بفترات مختلفة في الشمال الامريكي وبعض المدن الاوربية والعربية، شاهدت في الجامعات الامريكية بالخصوص انعقاد ورش عمل ونقاش تحت مسمى " Think Tank”في امر محدد ذو علاقة في العموم ب احتياج انسان تلكم المنطقة او البيئة.
واسرد هنا اسماء بعض تلكم الجامعات التي شملتها الزيارات الخاطفة مع او بدون مرافق بهدف رصد اعمال مراكز البحوث ولاستقراء التوجهات العامة في الاستثمار والحلول:
جامعة نيويورك
جامعة كورنيل
جامعة ميونيخ
جامعة ولاية اريزونا
جامعة اريزونا
جامعة جنوب كاليفورنيا
جامعة فلوريدا
جامعة دبلن بدبلن
جامعة Trinity ب دبلن
جامعة NUG ب جالاوي / ايرلندا
جامعة كورك - ايرلندا
جامعة برشلونة
جامعة مونتريال
جامعة كيبيك Quam
جامعة Mc Guil ب مونتريال
جامعة كونكوريا ب مونتريال
جامعة تورنتو ب تورنتو
جامعة Rice ب تكساس
جامعة القاهرة
جامعة زينل بالقاهرة
جامعة اكتوبر بالقاهرة
جامعة الأمريكية بالقاهرة
الجامعة الامريكية بالشارقة
جامعة السوربون ب باريس
جامعة Montpellier بجنوب فرنسا
جامعة Leiden
جامعة Sherbrooke
جامعة سيدني ب استراليا
جامعة الرباط/ اسطانبول / تبليسي / بكين / دبي
ولعل من طرائف المفارقة بان بعض الجامعات في الاقطار العرببة يزيد عمرها 100 عام ولكن كم المشاركة في ايجاد حلول بيئية ملحة شبه منعدم!!.
واتذكر احد الاصدقاء قوله بان بحوث دراستهم الجامعية تتركز في طرق حفظ حرارة المادة المنقولة ك الغاز او النفط من البرودة وكانهم في صحراء سيبيريا الباردة بينما الواقع ان بيئتنا ومحل عملهم هي صحراء حارة وتحتفظ بفائض من الحرارة.
والسر ان المنهج مستورد بكامله ولم تراه فيه الاحتياجات الفعلية للبيئة.
ومن طريف المشاهد ايضا، في الوقت الذي تحتضن جامعة تورنتو مركز بحثي عملاق مخصص لـ داء السكري وطرق الاستشفاء منه وكندا ليست من الدول الاولى في قائمة الدول المبتلية بداء السكري؛ في ذات الوقت يعلن اكثر من وزير للصحة في بعض الدول العربية عن ملامسة نسبة المصابين بداء السكر نسبة 40 ٪ من سكان بلدانهم ولايوجد اي مركز أبحاث لداء السكري في تلكم البلاد!!. وحتما جميع الأدوية ذات العلاقة مستوردة او مرخصة من قبل مركز او شركة اجنبية وهذا يعني فيما يعني ارتهان المواطنين المرضى للمنتج اامصدر.
وحتى لا يكون واقع مهندسينا وأطباءنا وصيادلتنا مصداق للجملة التي اطلقها الامام زين العابدين، علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب ، ”ما اكثر الضجيج واقل الحجيج“.
هنا من الجميل ان نستذكر جميعا بان الجامعات الوطنية مطالبة ب تبني مراكز بحوث لايجاد حلول اقتصادية وعملية لتحدياتنا البيئية والاقتصادية والصحية. والشكر موصول للاخوان الذين يعقدون النية في الاخذ على عاتقهم الانطلاق في بحوث تعالج تحديات بيئاتنا بكل تفرعاتها:
- الحر الشديد / الرطوبة العالية / الجفاف الطويل / الأتربة / العواصف الرملية/ زحف الرمال/ نقص المياة الارتوازية.. الخ
ونهمس:
الأكاديميون والتقنيون الوطنيون مُطالبون بالمشاركة بحلول فعالة لمشاكل البيئية المحلية واعتبار ذاك استثمار ادمغة كدول واستثمار تجاري ك افراد.