آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

النفط.. الاتفاق النووي

محمد أحمد التاروتي *

تفاعلت الاسواق النفطية سريعا، مع قرار الادارة الامريكية، الانسحاب من الاتفاق النووي، الذي وقعته ايران مع مجموعة 5+1، ابان ولاية الرئيس الامريكي السابق اوباما، بحيث اخترقت جاوز سعر البرميل 75 دولارا، مما يعطي مؤشرات بوجود مخاوف من الاثار المترتبة، على قرار واشنطن في استمرارية إمدادات الطاقة للاسواق، خصوصا في ظل تصاعد التصريحات بين طهران وواشنطن.

أعاد قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي قارب الساعة للوراء، مما يعيد شبح الحرب والتوتر بين الطرفين، لاسيما في ظل تمسك كل طرف بمواقفه، ففي الوقت الذي تطالب الادارة الامريكية، بضرورة العودة مجددا لطاولة المفاوضات، لصياغة اتفاقية جديدة تمنع ايران، من امتلاك السلاح النووي، وازالة السقف الزمني المنصوص عليه، في الاتفاقية الحالية، فان الحكومة الإيرانية تصر على رفض التفاوض مجددا، وتتمسك بنصوص الاتفاق المذكور، الذي اكتسب الصفة الدولية بعد التصويت عليه في مجلس الامن، فالتوصل الى الاتفاقية المذكورة سبقتها جولات ماراثونية طويلة، بين مجموعة 5+1 مع ايران، بحيث شملت مختلف العواصم العالمية.

الارتفاع الحاصل في أسعار النفط مرشح للصعود مجددا، نظرا لاستمرار الاضطرابات السياسية بمنطقة الشرق، فالمنطقة تقف على صفيح ساخن منذ سنوات عديدة، الامر الذي ينعكس بصورة مباشرة على أسعار الطاقة في الاسواق العالمية، خصوصا وان العامل الجيو سياسي، يلعب دورا في تحديد اتجاهات الاسعار، كما تسهم العوامل الاقتصادية بدور مؤثر في صعود، وهبوط أسعار النفط، وبالتالي فان الأحداث السياسية الجارية في منطقة الشرق الاوسط، تعطي زخما تصاعديا لاسعار الطاقة.

المخاوف من حقوق نقص في إمدادات الطاقة، مرتبط بعدم قدرة ايران على تصدير النفط، جراء العقوبات الاقتصادية المزمع فرضها على طهران، مما يمنعها من الحصول على التكنولوجيا النفطية في المستقبل، نتيجة العقوبات التي ستفرضها أمريكا، على جميع الشركات العالمية، والاوروبية المتعاملة مع ايران، مما يدفع الكثير من الشركات النفطية، عن الاحجام عن توريد المعدات، او إبرام صفقات مع طهران، مما ينعكس على قدرة ايران، في انتاج حصتها من النفط.

التزام المملكة بسد النقص في حال حصوله، يمثل سياسة ثابتة لدى القيادة السعودية، فقد دأبت الرياض طوال العقود الماضية، على تزويد العالم بالطاقة، ومنع حدوث نقص في المعروض، وبالتالي فان الاسواق النفطية، تلقت رسالة الرياض بارتياح كبير، الامر الذي يسهم في كبح جماح المخاوف، من حدوث فجوة بين العرض والطلب، خلال الفترة القادمة، خصوصا وان حرب التصريحات بين واشنطن وطهران، تعطي انطباعات سلبية للمرحلة القادمة.

انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، لن يقود بالضرورة لانفراط عقد، اتفاق خفض الانتاج بين اعضاء اوبك وخارجها، خصوصا وان التداعيات الناجمة عن انهيار الاتفاق كبيرة، مما يعيد شبح تدهور الاسعار مجددا، وبالتالي فان المصالح المشتركة للدول المصدرة للنفط، تفرض التمسك باتفاق خفض الانتاج، لاسيما وان الارتفاعات الحالية ناجمة عن احداث سياسية، وليست قائمة على عوامل السوق.

كاتب صحفي