”سلسلة وعي صحيح مستمر - رمضان 2018م“
الذكاء العلمي «IQ» والذكاء العاطفي «EQ» والنجاحات الفعلية في ادارة شؤون الحياة
ليس غريبا ان نتصادف مع صديق او رئيس وحدة او مدير قسم بجامعة متميز بمستوى ذكائه IQ المرتفع الا اننا ننصدم بتدني مستوى اتصاله الفعّال او نلاحظ انطواءه او مستوى غروره المرتفع ومشاكساته المستمرة.
يشخص علماء الادارة بان ذكاء ذاك الشخص الاجتماعي متدني او يصنف بانه غير مؤهل في النجاح في امور الحياة وان نجح في المدرسة او الجامعة.
معظم الاباء والامهات حريصون على ان يحقق ابناؤهم مستوى عال في اختبارات القياس IQ لضمان مقعد للابناء بالجامعة او القبول على الترقية الوظيفية، الا ان الكثير يغفل عن اهمية EQ» الذكاء العاطفي والاجتماعي» العالي لضمان تخطي الابناء للعوائق الموضوعة من طرف انسان آخر او في معترك الحياة.
واتذكر اني عملت ذات مرة مع رئيس في احد الشركات وذات مرة اخرى مع زميل عمل في ذات الشركة ولكن بفترات ومشاريع مختلفة؛ ذاك الرئيس كان شبه انعزالي وصاحب شلة مغلقة في الاتصال والاغلب من الموظفين يتذمرون من أسلوبه لانه لايلامس ولا يستجيب لمطالب وتطلعات وطموح موظفي دائرته واصبحت بالتالي كل الفرص شبه احتكار لمن هم حول الرئيس ولمعارفهم وهو يستأنس باتباع سياسة الباب المغلق. اما في حالة زميل العمل ذو المستوى المتدني في EQ اكتشفت بان عنده فوبيا التجمع اي الخوف من مقابلة الجمهور والارتباك في التعاطي مع اي تجمع بشري.
في المقابل هناك صور تثير روح الاستغراب لدينا لحسن تجاوز بعض الاشخاص لمصاعب الحياة من خلال عبقرية التوظيف لـ EQ من طرفهم. استمتعت ذات يوم بسماع قصة رجل امريكي يُدعى John Corcoran والتي نشرتها اذاعة BBC البريطانية وملخصها التالي: استطاع جون بحنكته وذكاءه العاطفي وتطبيقه العملي لـ خاصية الترابط «networking والتعاضد «collaboration ان يعمل 17 سنة كمدرس دونما التعرف من الجهات الرسمية او طلابه على انه يعاني من مرض دماغي يعدم امكانية التجميع للجمل الكلامية او حتى تهجئة اسمه حينذاك!! المصدر، جريدة الجاردين البريطانية: https: //www. google. com/amp/s/amp. theguardian. com/world/2008/feb/14/usa. schoolsworldwide. وهي من أغرب القصص واكثرها تطرفا في توظيف الذكاء العاطفي.
وهذا ايضا يذكرني بقصة استحواذ الموظف باهروتشا على روؤساءه من خلال ذكاءه العاطفي في رواية ”برشلونة... اعترافات... مقهى زيورخ“.
أركان EQ هي تصنيف المشكلة ذات البعد البشري وتقييمها وادارتها بادوات فاعلة. وتقوم على ركائز أربعة وهي:
- التقبل الذاتي self perception
- ادارة الذات self - management
- التقبل الاجتماعي social perception
- المهارات الاجتماعية social skills
ومن تلكم الاركان تتفرغ عدة فروع ك التعاطف empathy وقراءة الذات والنظرة للصورة الإجمالية والتعاضد الاجتماعي collaboration والترابط الشبكي في العلاقات networking وامور اخرى.
وينصح بإجادة تطبيق بعض السلوكيات ومن ضمنها:
- كن مستمع جيد be sure to listen and do not get defensive
- توقف عن التفاعل السلبي وحاول ان تعقلن الامور قبل احداث اي فعل او رد فعل you can stop responding emotionally and instead respond with intelligence and rationally.
- الاولوية وتحديد الاهداف what is important to you
- مراقبة الذات observe yourself
- دون ردود أفعالك وعواطفك وافكارك وحلل ذلك لتلافي الاخطاء وتعزيز الصحيح منها record your reactions and thoughts
كل ذاك واكثر ياتي ضمن بند تطوير الذات لمعرفتها وإصلاحها وتطوير الجنبات الانسانية داخل كل فرد منا وتطبيقها عند التعامل مع الاخرين.
بما اننا على اعتاب شهر المغفرة والرحمة، شهر رمضان الكريم، فانه يتوجب على العقلاء في كل تجمع بشري ان يرشدوا اتباعهم وأصدقاءهم وأحبتهم ومريديهم بان المساحة المشتركة مع الآخر تتسع وتضيق باتساق وضيق الافق لكل انسان.
واهمس في ذهن البعض بالقول، كما ان البعض يفتخر بانه يتسامح مع كل الأديان والايدلوجيات والجنسيات الا انه يخفق في تطوير مثل ذاك التسامح مع ابناء وطنه.
وقد يدعم البعض حرية التعبير الا انه وفي ذات الوقت يحارب الرأي الاخر داخل ابناء جلدته او ابناء وطنه او في داخل ادارته. وهناك من
الناس من يشيد بديموقراطية الغرب او الشرق وفي نفس الوقت تراه يرسّخ ويمارس استبداد الرأي الواحد في محيطه!!!
كل ذاك السلوك النابع من الذكاء العاطفي يُعد من اساسيات القيادة الناجحة في البيت والعمل والجمعيات الخيرية والانشطة التطوعية واحياء المناسبات وقيادة اي فريق او ادارة.
ومن بعض فؤائد الذكاء الاجتماعي بلوغ المرام دونما اخداث تصدعات او انقسامات عمودية او أفقية داخل المجتمع الواحد.
نتطلع لبلوغ شهر رمضان مبارك وتعزيز للبناء التكاملي في الطرح النافع لكل تحديات الحياة والخروج بحلول شافية وكافية للمراحل الحالية.