تعاطف.. ابتزاز
يمارس البعض لعبة التعاطف، كغطاء لممارسة الابتزاز، اذ يستخدم العبارات المعسولة، والثناء والإطراء بمناسبة، وبدون مناسبة، لأحداث اختراق جزئي او كلي، للضغط على الطرف الاخر، حيث يبدأ في المساومة على الصوت والتأييد للحصول، على بعض الامتيازات المادية والمعنوية، بمعنى اخر، فان الموقف المؤيد مرهون بالحصول على بعض المكاسب، ”لا يخدم بخيل“.
التعاطف ظاهرة إيجابية، ومطلوبة في بعض الاحيان، خصوصا وان المواقف المبدئية، ومناصرة القضايا العادلة، تكشف هوية بعض الاطراف في طريقة التعامل، مع الخلافات على اختلافها، بيد ان التعاطف يتحول في بعض الاحيان، الى اُسلوب للضغط والتلويح بالوقوف، الى جانب الطرف المقابل، مما يمهد الطريق امام نشر الغسيل على الملأ، جراء اتساع الفجوة بين حلفاء الامس، بحيث يصبح الوئام والتعاطف الى عداوة وخلاف قوي، نتيجة الاختلاف على ”الثمن“، خصوصا وان التعاطف يشكل جسرا مؤقتا، للوصول الى الاطماع الشخصية، بمعنى اخر، فان رفض الطرف المستفيد من التعاطف تقديم الثمن المطلوب، يدفع باتجاه علاقة متوترة وغير مستقيمة، وبالتالي محاولة استخدام سلاح التعاطف، لتحقيق مآرب ظاهرة، واحيانا مستترة.
القدرة على الابتزاز، مرتبطة بامتلاك اوراق رابحة، للضغط على الطرف المقابل، لإجباره على تقديم المزيد من التنازلات، بالاضافة حاجة الطرف المقابل للدعم والمساندة، في الصراعات الداخلية او الخلافات الخارجية، فالطرف الذي يعيش في حالة وئام وسلام، يصعب استغلاله من أطراف داخلية او خارجية، كما الاوراق المكشوفة في التعاطي مع القضايا الداخلية والخارجية، تحول دون استغلالها من الاطراف الانتهازية، مما يمنع امتلاك اوراق ضاغطة، مما يؤسس لعلاقة ندية ومتكافئة بين جميع الاطراف، الامر الذي يقود لعلاقات متوازنة، قائمة على مراعاة المصالح المشتركة، دون رجحان كفة على الاخرى.
يحاول البعض القفز على مشاكله الداخلية، او الضغوط الخارجية، للبحث عن حلول مؤقتة، وتحقيق بعض الانتصارات الوهمية، بحيث ينتقل من حلف لآخر، تبعا للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فتارة يرفع قميص ابيض في وجه الأحمر، واخرى يلبس قميص احمر ضد الابيض، فالمواقف مرتبطة بالثمن المقبوض بالدرجة الاولى، وبالتالي فان التعاطف ليس مرتبطا بقناعات، او مناصرة للقضايا العادلة، وإنما مرهونة بالابتزاز، ومحاولة الهروب من المشاكل، التي يعيشها على مختلف الاصعدة، الامر الذي يفسر صعوبة التعاطي مع هذه النوعية الجماعات، نظرا لعدم القدرة على قراءة التوقيت الزمني، للتحول الى الطرف الاخر، مما يستدعي استمرارية إسكاته بتقديم المزيد، من الاثمان المادية والمعنوية.
القراءة الدقيقة لمواقف الاطراف المختلفة، تشكل السد المنيع للوقوع في فخ الابتزاز، اذ تشكل طريقة التعاطي مع المواقف، احد الحواجز لمنع استقبال الرسائل الخاطئة، فإعطاء إشارات غير واضحة، منذ الْيَوْمَ الاول يفضي الى نتائج سلبية، مما ينعكس على العلاقة المستقبلية بين الطرفين، بمعنى اخر، فان قطع الطريق امام الابتزاز، مرهون بوضع مبادئ، وخطوط حمراء، لنوعية العلاقة، مما يضع الضوابط والحدود القادرة على تحقيق مصالح، وحقوق كافة الاطراف، بعيدا عن لغة الابتزاز، ومحاولة الضرب تحت الحزم، من خلال استغلال بعض الظروف الاستثنائية، للتكشير عن الأنياب، لاجبار الطرف الاخر، على تقديم التنازلات في لحظة ضعف، او غفلة عن الاثار السلبية، لتقديم تلك التنازلات، على طبق من ذهب.