ليس بالتمنى ولا بالدعاء الأجوف يتم تخطي التحديات
يُحكى ان رجلا نافذ البصيرة، اسمه خليل، متوقد النشاط وعملي الافكار والمشاريع حل بقرية كمنتدب للعمل هنالك.
بعد مضي عدة من الاشهر انكشفت كثير من اوضاع القرية لذاك الرجل الوقور ومما انكشف له تصاعد معدل اللهو والعبثية بالوقت والسهر والتفحيط والانفلات الاخلاقي في اوساط الشباب والمراهقين وفي ذات الوقت سجل تزايد منسوب الفقر والبطالة وبروز بعض انواع السرقات في كل يوم.
كان كلما حل استاذ خليل بمجلس او ديوانية في تلكم القرية او بعض إحياءها، حيث تعقد تجمعات شتى تضم اطياف مختلفة التحصيل العلمي من ابناء القرية، يسمع تذمر الكبار من تدني مستوى الاحترام وتذمر الاباء من كثرة البطالة وانحدار السلوك لدى شباب بالقرية وتحلطم بعض المثقفين من انصراف ابناء القرية عن الكتاب وكثرة الغمز من المثقفين في غباء ابناء مجتمعهم.
عزم الاستاذ خليل المحترم ان يختبر صدق ابناء القرية في احداث التغيير فاقترح ذات يوم في عدد من الديوانيات والملتقيات ان يطلق حملة مكافحة الفقر ب تخصيص خزان ماء نظيف في مكان مبرد ومعقم والطلب من كل الحاضرين ومن يعز عليهم بالإسهام تبرعا بسكب ولو مقدار كوب من اللبن الطازج داخل ذاك الخزان المبرد على ان يتم توزيع اللبن الطازج نهاية كل يوم قبل غروب الشمس بساعة.
وتم اعتماد الفكرة ومباركة الاغلبية وترتيب كامل الاجراءات واطلاق المشروع.
بنهاية اليوم الاول لتشغيل مشروع كوب لبن، وعندما فتح خزان اللبن وفي حضور وجهاء ومثقفي ونخب ابناء القرية فوجدوا الخزان مملوء بالماء فقط.
وعند ذاك انكشف الامر للجميع بان كلا منهم يسكب كوب ماء بدل من اللبن ظنا بان الاخرين شاركوا باللبن وان اجراء سكب الماء هو لرفع الحرج وخنق لوم الضمير بعدم المشاركة والاتكال على ان الغير سيؤدي المطلوب وليس بنية العطاء لله ورفع الحاجة عن الفقراء ومعالجة مشاكل القرية الفعلية.
هنا احس الاستاذ خليل بان مجتمع تلك القرية كان يتنطع بالدعاء الأجوف والتمني الفارغ واماني احلام اليقظة دونما حراك صادق وعمل جاد من الجميع. انتهت مدة الانتداب للاستاذ خليل وذهب الى حيث كتب الله له رزقه.