آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

كيف نعجل ظهوره (عج)

ورد عن الحجة ابن الحسن : «أكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإن ذلك فرَجُكم» «كمال الدين للصدوق ج2 ص485».

تهفو النفوس شوقا لرؤية راية الإصلاح المهدوية خفاقة بالعدالة في جميع أرجاء المعمورة، فالمؤمن تأنف نفسه وتتغيظ من مظاهر الجحود لآلاء الله عز وجل وتشييد عبادة الأهواء والأصنام بشتى صنوفها، وتذهب النفس حسرات وزفرات لما آلت إليه البشرية من إبراز مظاهر الانحلال الخلقي والمجون ودور الفحشاء، في مشهد لا يقل أو يباين الحياة البهيمية وإلغاء العقول والرضا بالمكث في مستنقعات الرذالة، فمتى تأفل هذه المظاهر ويعود الناس إلى رشدهم ويأنسون بحياة القيم والطهارة الروحية، ويرون كمالهم وسعادتهم في الاستقامة؟!

وقد جعل الله عز وجل إجابة مبتغى المؤمنين في زمن الغيبة باللهف والرغبة الحقيقية في الاندماج والانخراط بكل قوة واقتدار في زمرة أنصاره والذابين عنه ، والمشاركة المساهمة والفعالة في تلك النهضة الإصلاحية تعني ملاكات وقدرات تكاملية تقوم الشخصية الإيمانية، وتحركها في ميادين العمل والتغيير بهمة عالية لا يصدمها الواقع ولا النتائج، بل تعيش روح الأمل والتكليف الشرعي كما هو دأب الأنبياء والأولياء في دعوتهم وإرشادهم.

وإن توقيت وساعة الفرج ومحو دياجير الفساد والمنكرات جعلها الباري وفق تخطيط وإعداد يعتمد على توفير وتهيئة الطاقات الإيمانية المناصرة للإمام المنتظر ، فالمهام جسام وشراسة العدو واستذباحه لخنق الحركة الإصلاحية ومناوأتها بكل وسائل المكر الشيطاني، تستدعي وجود قوة مفكرة وذات بصيرة تكشف خداعه وتمتلك شجاعة وروح تضحية وتفان تقف في وجه جبهة الظلم، ومتى ما كانت النفوس مهيأة للنصرة والذود عن حياض وبيضة الدين الحنيف، أمكن حينها توقع بزوغ شمس العدالة والكرامة والفضيلة بيقين لا شك معه.

وما ورد في الروايات الشريفة من توجيه المؤمنين نحو الدعاء للإمام المهدي بتعجيل فرجه وظهوره، تبصرة بالحقيقة المهدوية والاستعداد الفعلي للمساهمة في تشييد بناء صرحها، وهو ما يحرك المؤمن نحو خطوة صحيحة في عملية جهاد النفس وتهذيبها، ومن الخطأ الاتكاء والاعتقاد أن الدعاء له بتعجيل الفرج ينحصر في التمتمة بمفردات وعبارات يغيب عنها الفكر والوجدان، فمن كان من المنتظرين الحقيقيين لظهوره لابد أن يكون مستعدا ومتسلحا بالصلاح والورع والاستقامة، ومن تلوثت نفسه بالأهواء والاستجابة السريعة للشهوات لن يكون في خط الالتقاء والانسجام مع حركة تطهير النفوس من الرذائل والتي هي فحوى وعصارة النهضة المهدوية، وما علينا سوى طلب الهداية والتوفيق والعمل الدؤوب المتمثل بمحاسبة النفس ومراقبة أفعاله، ومن جهة أخرى فإن اكتساب المعارف وتنمية القدرات الروحية والثقافية وممارسة الدور التغييري الاجتماعي هو الانتظار والتمهيد الحقيقي.

هذه الصورة التكاملية لنفوس المؤمنين المنتظرين لظهوره هو ما يشكل مشهدا من الاستعداد الحقيقي لمواجهة جبهة الباطل والفساد، ويتوافق حينها هذا التهيؤ النفسي والإيماني مع الدعاء للإمام بالظهور، إذ حينها قد أزيلت الموانع المؤدية لتأخير نهضته المباركة، مع تظافر وتحقق الشرائط وأهمها وجود النخبة الإيمانية المتحملة لمسئولية النهوض والتغيير بكل اقتدار في ساحة العمل.

513872