الموظفون المُعلقون
في عالم تآلف الارواح كعقود الزواج او مؤاخاة الاصدقاء تكون آليات الانفكاك عبارة عن طلب خلع الزوجة لزوجها، وفي عالم الاصدقاء تكون آلية الانفصال هي العزوف عن الحضور معهم حتى الاضمحلال او الاعلان الصريح عن تغيير وجهات النظر وهي اجراءات معتادة للمضي قدما في الحياة والانفكاك من القيود او الماضي للانطلاق في صنع مستقبل ابهى او مغاير.
في عالم الوظيفة الامور ليست بالسهولة التي قد ترتسم في ذهنية البعض منا، اي تقديم الاستقالة، لاسيما اذا ما كان الموظف صرف من عمره الكثير من الوقت استثمارا وتفانيا وشدة التزاماته المالية او ارتباطه بمنافع الخدمات الطبية. ففي حالة كونك موظف في دائرة او قسم يترأسها رئيس «رؤساء» غثيث وذو نزعة استحواذية او طائفية او قبلية او مناطقية او مذهبية او ديكتاتورية ويدير الدائرة بطريقة قمعية او نفعية ذاتية انتقائية؛ فقد تخطر في الوهلة الاولى فكرة طلب الانتقال لدائرة اخرى اكثر آدمية واكثر عمليتا اذا ما كان الهيكل الاداري لتلكم الشركة يسمح بذلك. وقد يكتشف الموظف المعني متأخرا بان طلبه بالانتقال هو مجرد اطلاق صوت أنات يتلذذ بسماعها جلاده دونما تفعيل لطلبه او الركون عليه اعوام متطاولة.
ثم يرصد ويرصد المؤامرات المتكررة لتهميش ذاك الموظف الذي صرح بطلبه بالخروج من زنزانة دائرته الحالية او يرصد فيما يرصد قتل كامل الفرص لنموه المهني ولو على حساب كفاءة وجودة العمل. وتريد وتيرة الافتراس من قبل رئيس قسمه او دائرته بعمل مسرحيات وإيهامه للموظف المستضعف على الموافقة من طرف رئيس إدارته الحالية والرفض من طرف الادارة الاخرى. ويمضى العمر الوظيفي لذاك الموظف دونما اي اعتبار من قبل تقلب المدراء او الرؤساء الأنانيين او العنصريين في عامل الوقت. وبعد حين من الدهر قد يجرأ ذاك الموظف بتقديم اوراق التظلم الذي وقع في حقه الى دائرة الموارد البشرية. وهنا يواكب الموظف فنون جديدة من اصناف التهديد والتطنيش والتطفيش وتشويه السمعة المهنية واختلاق قصص ادانه لجراءته وتفعيله لإجراء من هذا النوع حتى لو كان الاجراء ضمن الانظمة للشركة او من صميم حقوقه المحفوظة. وتعاطفا نقول جملة اعتراضية، ”الله يرحم حاله“.
وبعد حين يضطر الموظف المنكوب بالتطلع لـ مراكب عمل اخرى عله يجد شركة اخرى اكثر فرصا للنمو والارتقاء. فيرجع له البصر خاسئا لكون المعطيات الاقتصادية او الفرص الحقيقية محجوزة مسبقا او غير موجودة اصلا او منكمشة.
ينكشف حينه لذاك الموظف حاله لنفسه متأخرا جدا وبعيدا عن الشعارات والاحلام الوردية او المعسولة ويتسأل بينه وبين نفسه ”من ينصفني والحال هكذا؟! وان لم انمو مهنيا في بلدي فأين سأنمو!! ولماذا المناصب والنمو لأبناء..... دون اخرين وفي ادنى الاحوال تكون المناصب محجوزة مسبقا... او شلليا؟“
همست بإذنه هل تسمح لي بكتابه مقال في شان وضعك ووضع من هم في وضعك ومحاولة نشره في يوم العمال العالمي. فقال: تفضل.