ذكاء.. خوف
سيطرة البعض على مقدرات، ومدخرات الاخرين، امر يثير الاستغراب، والحيرة في احيان كثيرة، خصوصا وان القدرات العقلية لهذه النوعية من البشر ليست خارقة للعادة، بحيث تفسر القدرة على بسط النفوذ على تلك الاموال الكثيرة، بمعنى اخر، فان تسليم تلك الاملاك طواعية، وخلافا للطبيعية البشرية، التي تحض على المقاومة، مرتبط احيانا بالشعور بالخوف، وعدم القدرة على المواجهة، بحيث يترجم على صورة رضوخ، وعدم التفكير في الرفض، او القول بكلمة «لا».
استخدام الذكاء في عمليات النصب والاحتيال، من الممارسات الشائعة، وغير المستغربة على الاطلاق، لاسيما وان تسخير الدهاء في الاستيلاء، على الاموال دون وجه حق، من الأساليب المعروفة، الامر الذي يفسر قدرة البعض على ابتكار الحيل، من اجل تفريغ جيوب الاخرين، اذ يحرص الناصبون على استغلال الثغرات القانونية، للانفلات من العقاب، حيث يستخدم المحتالون، ”القانون لا يحمي المغفلون“، شعارا دائما في مختلف عمليات النصب والاحتيال، الامر الذي يزيد من معاناة الضحايا، ويجعل من عملية الملاحقة القانونية صعبة للغاية.
البعض يفتقر للدهاء، والقدرة على مجاراة اقرانه، في مختلف القضايا، بيد انه قادر على قهر، الأكثر ذكاء وثراء، حيث يمارس المزيد من الاذلال، تجاه هذه الفئات، مما يجعلها غير قادرة على الوقوف، او التعبير عن المواقف الحقيقية، تجاه تلك الممارسات المذلة، فالعملية مرتبطة بالقوة التي يمتلكها، مما يعطيه مساحات كبيرة لفرض الكلمة، وبالتالي فان الخوف يشكل العنصر الحاسم، في عملية السلب والاستيلاء، على مقدرات الاخرين.
الشعور بضرورة الاستيلاء، على ثروات الاخرين، يحرك القوي باتجاه فرض المزيد من القهر، اذ يحاول ابتكار المزيد من الأساليب، في سبيل النهب والنصب، فتارة بشعارات حفظ تلك الاموال من الضياع، وتارة اخرى بشعارات الحاجة لاستثمارها بطريقة مثالية، وثالثة بشعارات الانخراط في شراكات، ورابعة من اجل تأمين الحماية ضد اطماع الاخرين، وخامسة بترديد عبارات براقة مثل البحث عن وسائل جديدة، لتعظيم تلك الثروات، بيد ان الحقائق تتحدث عن سرقات واضحة.
الإحساس بالقوة المفرطة، جراء امتلاك الطابور الطويل من الانصار، وافتقار الطرف المقابل للأنصار، يساعد في عمليات التمادي كثيرا، مما يظهر على صورة الاستيلاء بالقوة، على مدخرات الاخر، حيث تجري عمليات السلب في وضح النهار، وبطريقة فجة وممجوجة، خصوصا وان الطرف القوي، يدرك ضعف حيلة الطرف الاخر، الامر الذي يدفع الاخير للتسليم في النهاية، نظرا لافتقاره لمقومات التعبير عن الرفض، فضلا عن الامتعاض.
جنون العظمة، ومحاولة الاستفراد بالساحة، تشكل بدورها عوامل، في بروز حالة القهر تجاه الاخر، حيث تتجلى تلك الممارسات في صورة تفريغ الجيوب، فهذه النوعية من البشر لا تعدم الوسيلة، في ابتكار الأساليب في الاستيلاء، على مقدرات الاخر، اذ تحاول انتهاج طرق مختلفة، من اجل الثراء غير المشروع، خصوصا وان الذكاء المتواضع، يحول دون القدرة على الثراء، بالطرق المشروعة، مما يفرض استخدام القوة واخافة الاخر، في سبيل تحقيق الثراء، دون النظر للوسيلة المستخدمة، بمعنى اخر، فان الذكاء ليس مطلوبا، مع وجود القوة القاهرة، فالمطلوب زرع الخوف، وإشاعة الرعب في النفس، للاستيلاء على جزء من ثروة الاخر، بدواعي الحماية، وغيرها من الشعارات الاخرى.