آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 1:09 م

نجاحك يؤلمهم

فاطمة آل جعفر

لكل منا موهبة أكرمنا بها الكريم، وكل إنسان له نقطة جميلة يتمناها الكثير من البشر، ولكن البعض منا يفتقر لمعرفة ذاته وقدرتها على النجاح. ومنا من يظن بأنه لا يملك الفرصة لإظهار نقط الجمال الذي سيفيد بها ذاته والمجتمع، والبعض الآخر وضع مخاوفه أمامه وراكم العقبات فاستسلم من قبل ان يبدأ. ومنا من أجّل أحلامه وطموحاته الى الغد، فكان هذا التسويف أسوأ مخدر لأحلامه. من هنا نستعرض بعضا من أبرز النقاط التي عطلت الكثيرين منا عن المضي في مسيرة النجاح وتحقيق احلامه وطموحاته.

الأولى: غداً سأبدأ؛ أن من أخطر ما يزرع الوهم في نفس المرء هو إقناع ذاته بأنه سيبدأ العمل غداً، أو عندما تسنح له الفرصة! أن هذه العبارات وأشباهها لها تأثير مدمر، لا يخدر الأحلام فحسب، وإنما يُقوّض العزيمة والاصرار. أن انتظار الوقت المناسب لبدء مشاريعنا في الحياة لا يعدو عن خرافة يستريح لها أؤلئك الراغبون في الاستمرار في الاسترخاء والنوم العميق. ان من السهل أن نبدو بشراً عاديين لا شيء يميزنا ولا يشغلنا ولا يجعلنا نفتخر في الغد بما نفعله اليوم أو قدمناه بالأمس. نحن مدعوون جميعًا للانتصار على أنفسنا قبل أي شيء آخر. ان حالة التسويف الدائم لا ولن ترفع من شأننا، بل أن ما يرفع الشأن فعلاً، يا أيها الانسان، هو ما تقدمه الآن، فأعتبر هذا اليوم هو نفسه الغد الذي تنتظره. لنبدأ العمل حالا.

الثانية: عدوى النجاح؛ ان من أبرز طرق النهوض هي أن نقرأ عن حياة الناجحين، فالنجاح معدٍ كما يقال. لنراقب حياة الناجحين ولنرافقهم، فمع هذه الرفقة سندرك بأن عدوى النجاح تشملنا أو تكاد، فالأصدقاء لهم أثر كبير على مستقبل الأنسان وحياته. أخبرني من هم أصدقائك أخبرك ما هو مستقبلك.

الثالثة: ما يمنعني عن التقدم؛ عندما أسألك مالذي يوقفك عن النجاح؟ ربما تسرد علّي أعذارًا توهم بها نفسك لتخدرها، ولكي لا تجعلها تشعر بالأسى حيال وقتها الضائع بين يديك، ولكن، لك ان تعلم، ان بإمكانك تجاوز جميع الأعذار، فقط، حينما تقرر شق الطريق. ان جميع من حولنا لديهم ما يوقفهم ويحيل بينهم وبين النجاح، لأن طرق النجاح ليست مفروشة بالورود بقدر ما هي مليئة بالعثرات، ولا ينقص ذلك، أحيانا، سوى شكوك البعض في نجاحنا، مما يجعلنا نخجل من الأستمرار والتقدم. من هنا، فلنجعل من شكوك الآخرين في مدى قابليتنا للنجاح سِلّماً للوصول ودافعاً قوياً للنضال والتحدي في سبيل تحقيق ذواتنا. كثيرون هم من يمنعهم خوفهم، من الولوج إلى عالم النجاح، ولكن عندما تضع الخوف جانباً وتبدأ العمل ستعلم حينئذ بأن خوفك لم يكن إلا وهماً. لذلك علينا أن نبتعد عن المحبطين والمثبطين الذين لا يتقنون سوى النوم، ولا يرون سبيلاً لتحقيق النجاح لأنفسهم ولا لغيرهم. ان المستقبل يفتح ذراعيه للذين يقبلون عليه بثقة وجرأة فالنجاح ليس ساحة القانطين ولا المثبطين، ودعني أقتبس هنا مقولة ارسطو «من يئس من الشيء استغنى عنه»، فعندما يصاب المرء باليأس حتى من نفسه، فذلك لا يعني سوى أنه قد ركن نفسه في زاوية منسية في هذه الحياة، وربما عُدَّ من الأموات من قبل أن يموت.

الرابعة: السقوط؛ هل سقطت بعد نجاحك؟ أظن بأن كثيرين منا لم يجرؤوا على مغامرة السير في طريق النجاح، لا لعدم رغبتهم في تحقيق النجاح، وإنما خوفًا من السقوط في منتصف الطريق. ولكن دعني أذكر مثالاً بسيطاً؛ عندما كنت لاتدرك ألم السقوط وانت صغير السن، هل أوقفك سقوطك المتكرر ذاك عن محاولة الوقوف مجدداً؟ آلم يجعلك ذلك معتادًا على عبئ السقوط وتحمل الالم؟ ان تكرار المحاولة والاصرار وتحمل الصعوبة كان السبيل لتعلم المشي رغم السقوط مرارًا رتكرارا، ولكن ماذا لو أستسلم كل طفل عن الوقوف خوفًا من السقوط؟ أما كان ذلك سببًا وعائقًا كبيرًا من السير!!. أنَّ تكرار السقوط ينبغي أن يجعلنا أقوياء وأكثر شغفًا للوصول.

الخامسة: مستحيل؛ وهنا دعني أقتبس لكم قصة والت دزني من كتاب «كخه يا بابا»، لقد مر والت دزني بلحظات عصيبة لأنه يعشق الرسم فقد جعله شغفه في الرسم أن يغادر الثانوية ولكنه فشل في الوصول الى هدفه، عمل كسائق سيارة إسعاف بعد أن طرد من الجيش بسبب صغر سنه، لكنه لم يستمر في العمل سائقًا، سعياً وراء تحقيق أمله، عمل في شركات إعلانيه ولكن سرعان ما تركها بسبب سخرية زملائه على أفكاره، ثم افتتح شركة فنية مع زميله بيد أنها انهارت سريعاً، فتعرض للإحباط الشديد ولكنه نال فرصة ذهبية عندما نشرت اعماله الكارتونيه احدى الصحف بعد مفاوضات طويلة، صبر دزني جعله يصل الى أحلامه التي كادت تلقى مصرعها لولا مثابرته وإصراره، دزني الذي تدر شركاته اليوم أرباحًا سنوية تقدر ب30 مليار دولار أمريكي، لم يصل الى هذا النجاح لو اعتقد لوهلة أن مهمته مستحيلة، كما قال طاغور «المستحيل لا يقيم إلا في أحلام العاجز». ان ماتملكه اليوم من فن بين يديك عليك الآن إظهاره للعالم كله بالإضافة الى الشغف الذي يمتلك عقلك يجب أن يوثق على أرض الواقع لتلهم بهِ غيرك.

السادسة: التفاؤل؛ سياسة التفاؤل، سياسة عظيمة عليها يُبنى النجاح. فالذي نراه مفعم بالتفاؤل قليل التذمر نعلم بأنه مفعم بالحياة، فالتفاؤل ليس من الأمور الثانوية للنجاح بل هو أس من أسسه، فلا يقام مشروع ناجح بالإحباط والتذمر. ثق بنفسك وبما تفعله وحاول أن تظهر لنا إبداعك، أجعلنا نرى بصمتك الآن.

السابعة: مذاق عثراتي: أن لعثراتنا مذاقٌ شهي لن ندركه إلا بعد وصولنا لمبتغانا. دعني أوضح الأمر من خلال قصتين؛ أولاهما؛ زوجان انجبا بعد سنة من زواجهما والزوجان الآخران انجبا بعد 19 سنة من زواجهما، فمن منهم ذاق فرحة لا تصدق، او ربما فاقت التصور؟ والأمر نفسه عند القياس بين مريض انفلونزا قد تعافى بعد سبع أيام ومريض أخر بالسرطان قد تعافى من مرضه بعد اربع سنوات، من منهم يقدّر صحته أكثر ويشعر بطعم صبره وقوة تحمله! ان الصبر الطويل يجعلنا نبكي فرحًا ونفتخر بأنفسنا أكثر، فلكل عثراتنا المؤلمة طعمٌ سنشعر به حتمًا.

الثامنة: ماذا لو نجحنا؟ ربما يتألم الكثيرون نتيجة نجاحك، ليس بالضرورة حسدًا، بل غبطةً، لا ليش سوى لأنك أختلفت عنهم وبدأت تكسر حواجز اليأس، ولأنك وقفت وجابهت وحققت فنجحت، ولأنهم لم يتجرأون على السير فيما قررت أنت اقتحامه. لن يفوتك ملاحظة مدى سعادتهم عندما تخبرهم بقصة نجاحك، ولكن خلف تلك الابتسامات صوتٌ حزين يدوي بداخلهم متسائلا؛ كيف تقدمت أنت عليهم، ولماذا نهضت من نومك وهم للآن نائمون.

من هنا، اذا كان لنا ان نستحضر درسًا واحدًا مما سبق، فهو أن ننهض من سباتنا العميق وأن نسعى لتحقيق النجاح، مهما عابنا فيه من عاب، أو حاول تحطيم أمالنا كائنا من كان. لنكسر حواجز الخوف، فالحياة فرص قد لا تتكرر، ولنغتنم صحتنا اليوم باستثمارها في تحقيق ما نتمنى، كي لا يأتي الوقت الذي نأسف فيه عما مضى. قم الآن وناضل وجاهد وكافح للوصول، أنجح وأفخر ولتكبر في داخلك وفي عين المجتمع، انهض وأجعلهم يتألموا لنهوضك فقد حان وقت نجاحك. أغلق مقالتي وابدأ الآن بخطوتك الأولى في طريق النجاح.