الرهان.. مغامرة أم خطأ
تشكل المراهنة جزء أساسي، من تحدي المرء مع ذاته، حيث يتحرك وفق قناعات ذاتية، تدفعه لانتهاج طريق وعر، ورفض جميع الطرق السالكة، باعتبارها دروب محفوفة بالمخاطر، فضلا عن كونها غير قادرة، على إيصاله لبر الامان، وبالتالي فان الدعوات الصادقة او الماكرة، لا تجد آذانا صاغية، باعتبارها صيحات في واد سحيق، وغير قادرة على لفت الانتباه.
الرهان على طريقة محددة مرتبطة، بقناعة صوابية المنهج احيانا، والانبهار والإعجاب احيانا اخرى، اذ يلتحق البعض بمشروع ثقافي، باعتباره الأكثر قدرة على انهاء حالة التخلف، وازالة جميع العراقيل التي تعترض سبيل التقدم في المجتمع، الامر الذي يدفعه باتجاه تقديم الغالي، والنفيس لمناصرة المشروع، نظرا لكونه من اهم الرهانات تنسجم مع التطلعات الذاتية، مما يسهم في احداث تغييرات جذرية، على الصعيد الشخصي او الاجتماعي.
بالاضافة لذلك، فان الانبهار والإعجاب، يشكل احد العناصر المؤثرة في المراهنة، على احد المشاريع التنويرية، خصوصا وان القيادات المبشرة لتلك المشاريع، تمتلك القدرة على التأثير في الملتقي، نظرا لقدرتها على عرض الافكار بطريقة احترافية، وبالتالي اختراق قلوب الاخرين، بحيث ينعكس على صورة زيادة العناصر المراهنة، على تلك المشاريع، كونها الأكثر ملائمة للمرحلة الحالية، وانتشال المجتمع من المستنقع الثقافي البائس.
المراهنة تعتبر قرارا صائبا، في حال ارتبط بالاسباب المنطقية، والمدعومة بمرئيات عقلانية، بحيث تأتي في النهاية وفقا للقراءة السابقة، مما يجعل صاحبها في المنطقة الامنة، والتي تمتلك القدرة على مواجهة جميع الاّراء المعارضة، نظرا لامتلاكها العناصر المؤيدة لوضع جميع البيض في سلة واحدة، فهناك الكثير من المراهنات الصعبة التي وجدت انتصرت في نهاية المطاف، بالرغم من حقول الألغام التي اعترضت طريقها، في مختلف المراحل، بيد ان وجود قاعدة صلبة تقف عليها، ساهم في مواجهة تلك الألغام بعزيمة راسخة.
الرهان المستند على قراءة خاطئة، يمثل مغامرة قاتلة، بحيث تنقلب الامور رأسا على عقب، نظرا لافتقار للعناصر الداعمة لتحقيق النصر، في المعركة الشرسة، فالرهان على الحصان الخاسر بمثابة انتحار، وإلقاء النفس في التهلكة، مما يستدعي التفكير مليا قبل الدخول في مغامرة، يصعب الانسحاب منها، لاسيما وان بعض المعارك الثقافية تتطلب دراسة الخيارات بشكل دقيق، من خلال وضع أطراف الصراع على كفة واحدة، من اجل التعرف على نقاط القوة، وعناصر الضعف، من اجل الخروج منتصرا، والابتعاد عن الهزيمة.
فهناك صراعات ثقافية، لا تقبل القسمة على اثنين، مما يستدعي المراهنة على الحصان الرابح، عوضا من المغامرة غير المحسوبة، نظرا للتداعيات المترتبة على تلك المراهنة الخاطئة، وبالتالي فان الاختيار المدعوم بأسباب النجاح امر بالغ الأهمية، خصوصا وان الإغراءات المقدمة من بعض المشاريع الثقافية، تحاول احداث نوعا من الإبهار، لاستقطاب المزيد من العناصر، الامر الذي يسهم في تعطيل العقل، والسير وراء العاطفة.