أوبك.. المصالح المشتركة
فرض اتفاق اعضاء اوبك، والدول المصدرة من خارجها، إيقاعا واضحا على تذبذبات أسعار النفط، منذ عام 2017، فقد ساهم الاتفاق على خفض سقف الانتاج، مما نتج عنه تماسك الاسعار كمرحلة أولى، وايقاف النزيف الذي انطلق منذ منتصف 2014، الامر الذي مهد الطريق للدخول في الموجة التصاعدية، بحيث تفاعلت السوق النفطية، مع الارادة الصادقة للتمسك بالاتفاق، وعدم اختراقه، مما ساعد على الارتفاعات التدريجية، على مدى الأشهر الماضية.
حرصت الدول المنتجة للنفط، سواء من اعضاء اوبك او خارجها، على استقرار الاسواق، والمحافظة على إمداد الدول بالطاقة، انطلاقا من السياسة الثابتة، والقائمة على استمرارية الدورة الاقتصادية، وعدم استخدام النفط كسلاح سياسي، فهي حريصة على توفير الكميات المطلوبة، والحيلولة دون حدوث فجوة كبرى، بين العرض والطلب، اذ ما يزال المعروض قادرة على تغطية الطلب العالمي، بالاضافة لذلك فان اوبك تمتلك طاقة فائضة، تتجاوز 2 مليون برميل يوميا، مما يجعلها قادرة على سد العجز بمجرد حدوثه.
الاتفاق القائم بين الدول المنتجة للنفط، من داخل اوبك وخارجها، شكل حجر الأساس لمواجهة الفائض، في المعروض، والذي يتجاوز 2,5 برميل يوميا، نظرا لتجاوز غالبية الدول للحصص المقررة، في الفترة الماضية، الامر الذي انعكس بصورة مباشرة على تدهور الاسعار، بحيث وصلت لاقل من 30 دولارا للبرميل، مما دفع الدول المنتجة للتحرك الجاد، لايجاد الية مناسبة لوقف النزيف المستمر، بحيث تطلب الامر اجتماعات عديدة، وجولات مكوكية بغرض ردم الفجوة، في وجهات النظر بين الدول المنتجة، من داخل اوبك اولا وخارجها ثانيا، وبالتالي فان الشعور بمدى خطورة الوضع، دفع دول كبار المنتجين للتنسيق المشترك، باعتباره خطوة اساسية لتعزيز الثقة، وازالة جميع المخاوف، لدى صغار المنتجين، الامر الذي أفضى لاتفاق يحافظ على المصالح المشتركة، ويدعم المساعي الهادفة لتحسين الاسعار.
تجاوز سعر البرميل حاجز 70 دولارا للبرميل، مرتبط بالارادة الجماعية لدى الدول المنتجة للنفط، بامتصاص الفائض بالسوق، حيث عمدت خلال الأشهر الماضية للالتزام بالحصص الإنتاجية، وعدم تجاوزها، خصوصا وان زيادة الانتاج يفاقم أزمة المعروض، مما ينعكس على اختلال ميزان العرض والطلب، وبالتالي إيجاد تخمة في المعروض، مما ينعكس بصورة مباشرة على القيمة السوقية، فالأسواق العالمية لاحظت التزاما، تجاوز التوقعات خلال الأشهر الماضية، بحيث فاقت نسبة الالتزام بالحصص المقررة، داخل اوبك حاجز 100%، الامر الذي ساهم استعادة الذهب الأسود جزء كبيرا من عافيته، مما انعكس اجمالي الإيرادات للدول النفطية.
المؤشرات الايجابية، بقرب خروج الاقتصاد العالمي، من حالة الركود، وبدء مرحلة النمو الإيجابي، في العديد من الاقتصاديات الصناعية، تشكل عناصر إيجابية على صناعة النفط، بحيث تشهد زيادة في الاستهلاك، عطفا على التوقعات بانتعاش الاقتصاد العالمي، الامر الذي ينعكس بصورة مباشرة، على استمرارية الأداء الإيجابي، للمستويات السعرية، للنفط خلال النصف الثاني من العام الجاري، فارتفاع منصات الحفر في الولايات المتحدة، مؤشر إيجابي على انطلاقة الموجة التصاعدية، للنفط خلال الأشهر القادمة.