آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

فن صناعة البسمة

رضي منصور العسيف *

رأيته حزيناً كئيباً... غارقاً في التفكير... لا تبدو عليه ملامح الحياة... لقد صرف كل طاقته الكامنة في هذه الحالة الحزينة... لقد تعطلت كل عضلات الابتسامة في وجهه، فيما بقيت عضلات العبوس هي التي تعمل...

اقتربت منه وقلت له: الحياة جميلة والمصاعب تنتهي ﴿إن مع العسر يسرا... عليك أن تبتسم... أو اصطنع الابتسامة...

نظر إلي وتساءل اصطنع الابتسامة؟! أظن أنها خداع ذاتي... فأنا ليس لي رغبة بالابتسامة!!

قلت له: أن تصطنع البسمة خير من قتلها... هذه البسمة ضرورية للبقاء حيوياً... ابتسم ودعك من العبوس والتذمر... ابتسم لتحيا...

لذلك فكر كيف تصنع البسمة لذاتك أولاً وللآخرين...

البسمة شعار المؤمن

قال الإمام علي : «بشر المؤمن في وجهه وحزنه في قلبه»

المؤمن وجهه سمح مستبشر، تعلوه الابتسامة دائما. ولذا تجده يتمتع بروح عالية وله جاذبية خاصة، وتأثر إيجابي على الآخرين، فببسمته يغير تلك الأجواء الانفعالية إلى أجواء يسودها الانشراح والهدوء والإيجابية. وببسمته يتواصل تواصلا مؤثراً مع الآخرين، ومن ثم يحتل مكانة عالية في قلوب الآخرين، وتجده شخصية محبوبة بينهم.

كن باعثاً للسرور

روي عن رسول الله ﷺ: ”من سرَّ مؤمناً فقد سرَّني ومن سرَّني فقد سرَّ الله“

جميل أن تدخل السرور على قلوب الآخرين، قد لا يكلفك هذا العمل أي جهد عضلي أو مادي، ولا يحتاج إلى جهد جهيد، رب كلمة تكون بمثابة البلسم الشافي لذلك الإنسان الغارق في همومه...

لتكن شخصية تنثر عبير السّرور والفرج والبهجة إلى قلوب الناس.. لتكن مشعاً بالسعادة على الآخرين في أي مكان تتواجد فيه.

بسمتك عطاء

قال الإمام علي : حسن البشر أول العطاء، واسهل السخاء.

من أبسط أنواع العطاء أن تعيد البسمة على وجه من فقدها. وأن البسمة التي تجلب الراحة والطمأنينة لمن حولك هي من أفضل أنواع الصدقة، فقد روي عن أبي جعفر قال: ”تبسُّم الرَّجل في وجه أخيه حسنة..“ وأن ”البشاشة إحسان“ كما ورد عن الإمام علي .

فإذا كنت تمتلك ابتسامة جميلة فشارك بها من حولك ممن تحبهم. وهي أجمل هدية يمكن أن تقدمها للأخرين.

إنها «أي الابتسامة» لا تكلف شيئاً، ولكنها تعود بالخير الكثير، إنها تغني أولئك الذين يأخذون، ولا تفقر أولئك الذين يمنحون" كما قال ديل كارنيجي

كيف تصنع الابتسامة؟

  1.   ابتسم من أعماق قلبك: ذلك لأن الابتسامة تعطيك الأمل وتبدّل مزاجك إلى الأفضل …لذلك ابتسم، فابتسامتك قد تُعطي الأمل لشخص ما، أو تخفف من ألم مريض، أو حتى قد تجعل السعيد أكثر سعادة!
  2.   ليكن حديثك ملون بلون البسمة: عن أبي الدرداء قال: كان رسول الله ﷺ إذا حدث بحديث، تبسم في حديثه.
  3.   اخرج من حالة الجدية المطلقة إلى البسمة والدعابة: عن يونس الشيباني قال: قال أبو عبدالله : ”كيف مداعبة بعضكم بعضا“؟ قلت: قليلاً، قال: ”هلا تفعلوا، فإن المداعبة من حسن الخلق، وانك لتدخل بها السرور على أخيك، ولقد كان النبي ﷺ يداعب الرجل يريد به يسره“.
  4.   أنشر أخبار الفرح والإيجابية، وابتعد عن نشر أية أخبار سيئة، توقّف عن رسم الحزن على وجوه من حولك، هكذا تصبح إيجابياً، وتساهم في بناء مجتمع أفضل وأكثر سعادة.
  5.   امدح أعمال الأخرين مهما كانت صغيرة، لن تكلفك جهداً، بل ستشعر بالسعادة ترفرف عليك وعليهم.
  6.   افعل الخير للآخرين، مهما كان حجم عملك إلا أنك سترى البسمة على وجههم، «كأن تمسك بباب المصعد لشخصٍ ما» هذا العمل سيشعرك بالسعادة طوال اليوم.
  7.   أدخل السرور إلى بيتك: من الأعمال الجميلة في يوم الجمعة «أن يطرف أهله في كلّ جمعة بشيء من الفاكهة واللّحم حتّى يفرحُوا بالجمعة». عليك أن تكسر الروتين اليومي وتحول ذلك اليوم إلى يوم سعيد.

آثار الابتسامة:

عندما تبتسم ستجد الكثير من الإيجابيات منها:

  •   الابتسامة تفتح عليك القلوب المغلقة، وتغلق دونك أبواب شرورها. كما يقول «السيد هادي المدرسي»
  •   سبب المحبة: ”سبب المحبة البشر“ و”عليك بالبشاشة فإنها حبالة المودة“ كما ورد عن الإمام علي «عليه السلام».
  •   النجاح بكل معانيه: ”حسن البشر من علائم النجاح“ كما ورد عن الإمام علي .

باختصار أقول لك:

الابتسامة الصادقة... هي أحد أسرار النجاح، فهي مفتاح القلوب، وهي رمز المحبة والمودّة... وهي سر الجمال الإنساني..

مرة أخرى.. اقول لك... فقط ابتسم لتحيا...

كاتب وأخصائي تغذية- القطيف