صور مؤلمة بجوار الكعبة المشرفة
قال تعالى ﴿بَلِ الإِنسانُ عَلى نَفسِهِ بَصيرَةٌ﴾14 ﴿وَلَو أَلقى مَعاذيرَهُ﴾[القيامة: 15]
مقدمة:
بين نفحات الرحمن وجنان الإنسان في حنايا الكعبة المشرفة التي هي مهوي القلوب الواله لطاعة الله والفوز برضوانه والتسابق على نيل جوائزه بين طائفٍ وراكعٍ وساجد ورافع كف الضراعة بالدعاء والأستغفار وتجديد التوبة بين يد الملك الجبار تجد صور مؤلمة في هذا المشهد العظيم عند بيته المحرم وحناياه منها:
1 - باتت المناجاة والخضوع لله صوراً لا بد أن يراها الآخرون من خلال الأجهزة الذكية في وسائل التواصل الإجتماعية ولا تكمل العبادة إلا بها وأمست وأصبحت العبادة في السر ضمن طيات النسيان ولا أعلم هل أختفى الإخلاص من قلوبنا!
قال تعالى ﴿أَلَم يَأنِ لِلَّذينَ آمَنوا أَن تَخشَعَ قُلوبُهُم لِذِكرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وَلا يَكونوا كَالَّذينَ أوتُوا الكِتابَ مِن قَبلُ فَطالَ عَلَيهِمُ الأَمَدُ فَقَسَت قُلوبُهُم وَكَثيرٌ مِنهُم فاسِقونَ﴾[الحديد: 16]
فهل قست قلوبنا ولم نذق حلاوة المناجاة بين يديه سبحانه وإن شاء الله هذه الصورة المؤلمة قليلة في المشهد العام.
2 - الحياء والعفاف والحشمه والوقار صور قلة بين جنبات الكعبة المشرفة واختفى نورها وذهب جمالها وضاع بهاءها فتجد بعض اخواتنا لا حجاب محتشم ولاحياء مرتفع ولا وقار ظاهر ولا عفاف زاهر وإن شاء الله أن تكون هذه الصور قلة.
3 - التجارة مع الله تحولت عند بعض حملاتنا إلى التجارة مع العبد بالدعايات الزائفة والإغراءت الكاذبة للوصول للربح المادي الزائل وخسران الثواب الدائم الباقي.
4 - التفاخر في عدد العبادات التي يقوم بها بعضنا وكأنه يَمنّ بها على الله فيقول لأقرانه وزملائه أنا صليت وأنا طفت وأنا سعيت وأنا دعيت وأنا وأنا وأنا....... الخ ونسي ماروي عن سيد الموحدين في نهج البلاغة «لا تقضون نهاركم بقول كيت وكيت وفعلنا كذا وكذا فإن معكم حفظة يحفظون عليكم وعلينا» فلم يكتفي البعض أن ينشرها في السناب والوات ساب وغيرها بل وسعها بقوله المباشر وغير المباشر ونسأل من الله أن يكون ذلك من القلة.
5 - امست وأصبحت الكعبة المشرفة عند بعضنا علامة للتواعد واللقاءات وتبادل الحكايات والأحداث وكأنها واحدة من الحدائق العامة فلا انشغال بالعبادة ولا توجه بالمناجاة ولا بكاء وانكسار وخضوع وتذلل بين يدي الرحمن الرحيم وأسأل الله أن تكون القلة من الناس كذلك.
5 - امست وأصبحت البطون عند بعضنا تشكل هاجس مهم في أي حملة يريد الذهاب إليها وكأنها الأهم في العمرة ثم تأتي العمرة في مرتبة ثانية. وأسأل الله أن يكون هذا المشهد من الناس القلة.
6 - امست وأصبحت الموضة في اللباس عند بعض شبابنا وفتياتنا هي المشهد الطاغي وهذا مايدمي القلب إذا رأيته في جوار الكعبة وكأننا نسينا قوله تعالى ﴿قُل لِلمُؤمِنينَ يَغُضّوا مِن أَبصارِهِم وَيَحفَظوا فُروجَهُم ذلِكَ أَزكى لَهُم إِنَّ اللَّهَ خَبيرٌ بِما يَصنَعونَ﴾30 ﴿وَقُل لِلمُؤمِناتِ يَغضُضنَ مِن أَبصارِهِنَّ وَيَحفَظنَ فُروجَهُنَّ وَلا يُبدينَ زينَتَهُنَّ إِلّا ما ظَهَرَ مِنها وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيوبِهِنَّ وَلا يُبدينَ زينَتَهُنَّ إِلّا لِبُعولَتِهِنَّ أَو آبائِهِنَّ أَو آباءِ بُعولَتِهِنَّ أَو أَبنائِهِنَّ أَو أَبناءِ بُعولَتِهِنَّ أَو إِخوانِهِنَّ أَو بَني إِخوانِهِنَّ أَو بَني أَخَواتِهِنَّ أَو نِسائِهِنَّ أَو ما مَلَكَت أَيمانُهُنَّ أَوِ التّابِعينَ غَيرِ أُولِي الإِربَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفلِ الَّذينَ لَم يَظهَروا عَلى عَوراتِ النِّساءِ وَلا يَضرِبنَ بِأَرجُلِهِنَّ لِيُعلَمَ ما يُخفينَ مِن زينَتِهِنَّ وَتوبوا إِلَى اللَّهِ جَميعًا أَيُّهَ المُؤمِنونَ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾[النور: 31]
فهل من لوازم غض البصر اتباع الصيحات في اللباس ومن لوازم الحشمة وعدم إبداء الزينة التساهل في الحجاب والوقار؟! واسأل الله أن يكون هذا المشهد القلة من الناس.
هي صور مؤلمة تدمي قلب الغيور على أحبته المؤمنين والمؤمنات لا يتمنى أن يراها في اقدس البقاع وهي مكة المكرمة التي تهوي القلوب إليها وتطمع النفوس لفيوضاتها من الحق سبحانه
1 - شباب في عمر الزهور وهم بين باكٍ وخاشعٍ وغارقٍ في الدعاء لوالديه وأخوانه المؤمنين والمؤمنات.
2 - صور العفة والطهر والحياء عند إن شاء الله كثير من فتياتنا وهي مشتغلة بذكر الله ولذيذ مناجاته.
3 - وهناك من حملاتنا من تاجر مع الله سبحانه فهو قانع بالربح المادي القليل ليعوضه بالثواب الجزيل من الرب الكريم.
4 - وهناك من يجعل الكعبة المشرفة محطة للتزود الروحي والمعرفي ليختفي بين الناس فلا يرى سجوده وخضوعه إلا خالقه يدعو بحرارة ويبكي بندامة ويعتصر قلبه من معاصية ويتذكر نِعم الله عليه فيديم الشكر ولا يمل من الذكر وإذا التقى بأخوانه كان مشعل لنور الهداية في قلوبهم فيقربهم من الله ويبعدهم عن الأنشغال بغيره سبحانه فهم كمصابيح تضيء الطريق لأهل الخير والصلاح.
6 - وهناك من اخواننا واخواتنا من يطمع في المزيد من رضوانه فيجمع صحبه ويقرأ الأدعية والمناجاة فيملئ قلوبهم إيمان ويرغبهم فيما عند الله سبحانه فيكون مصداقاً لقوله تعالى ﴿ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذينَ آمَنوا وَتَواصَوا بِالصَّبرِ وَتَواصَوا بِالمَرحَمَةِ﴾[17] ﴿أُولئِكَ أَصحابُ المَيمَنَةِ﴾. [البلد: 18]
انا العبد الذليل الحقير المسكين لست بمنأ عما خطت يداه وماسيكون حجة عليّ يوم القيامة فأرجو أن تدعو لي أن يغفر الله ذنوبي ويتقبل عملي وما ذكرت ذلك إلا من حرارة الألم على شيعة أمير المؤمنين واخواننا المسلمين والمسلمات
والحمدالله رب العالمين.