آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

ثقافة الجمهور

محمد أحمد التاروتي *

يلجأ البعض للسواد الاعظم من الناس، لتمرير بعض المشاريع، او محاولة استخدامه كدرع بشري، لعرقلة بعض مشاريع الساخنة، مما يفرض على الفرقاء استخدام سلاح الجماهير، باعتباره امرا حتميا، اذ يحاول الاستفادة من الناس للحصول على الرضا، وكذلك استعماله للتعبير عن المواقف الرافضة، تجاه الملفات الشائكة في المجتمع.

طريقة التعاطي مع الجهور، تشكل العلامة الفارقة، لدى اصحاب النفوذ الاجتماعي، فهناك اطراف تحاول الاستفادة من الجماهير، في مختلف المعارك القائمة، فيما تفضل بعض الاطراف استخدام هذا السلاح، في المعارك المصيرية، لاسيما وان الجماهير تمثل السلاح الاكثر قدرة على حسم المعارك، الامر الذي يدفعه لمحاولة تقنين الاستفادة من ”الجماهير“، خصوصا وان كثرة الاعتماد على الجماهير، يحدث ردات فعل مختلفة، مما ينعكس على حجم التأييد، وانخفاض عدد المناصرين، مما يستدعي الحرص الشديد، قبل الاقدام على تحشيد الجماهير، للدخول في المعارك بشكل مباشر.

استغفال الجماهير، او محاولة السيطرة عليه، بطريقة مباشرة او غير مباشرة، تمثل هدفا قائما، ومستمرا لدى العديد من الدوائر الحاكمة، او النافذة في المجتمعات البشرية، الامر الذي يبرر استخدام صيغ ”الجمع“، في الكثير من المواقف سواء الداعمة، او الرافضة لبعض المشاريع الاجتماعية، والثقافية، اذ تحاول بعض الشخصيات النافذة الاستفادة من ”واو“ الجماعة، للوقوف امام بعض التحركات الهادفة، لاحداث حراك حقيقي في البيئة الاجتماعية، وبالتالي فان اشراك الجمهور يمثل نوعا من التأثير على الرأي العام، والحصول على التفويض المادي، او الموافقة المعنوية، بمعنى اخر، فان القدرة على احداث اختراق حقيقي، في اللا شعور لدى الشريحة الواسعة من الناس، يسهم في الوصول الى الهدف المرسوم، من تلك القيادات المؤثرة، ”يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ“.

عملية التأثير على الشريحة الكاسحة، من الجماهير مرتبطة بنوعية اللغة المستخدمة، في مختلف الملفات الساخنة، اذ تحاول بعض الشخصيات الاجتماعية، محاكاة العواطف لاستمالة الجمهور، مما يترجم باتخاذ المواقف ذاتها، الامر الذي يسهم في كسب الجولة تجاه الطرف الاخر، فيما تحاول بعض الجهات استخدام اللغة العنصرية، او القومية للحصول على التأييد المطلوب، خصوصا وان المفردات القومية او العنصرية، تجد صدى لدى بعض المجتمعات البشرية، مما ينعكس بصورة مباشرة على الاستفادة، من الحشود الجماهيرية، في عرقلة التحركات المضادة، بمعنى اخر، فان بيوت الخبرة التي يمتلكها اصحاب النفوذ الاجتماعي، تحدد الوسيلة المناسبة لمخاطبة الجمهور.

ان الظرف الزماني والمكاني، تلعب دورا كبيرا في الاستفادة، من سلاح ”الجمهور“، في المعارك المصيرية، او الحروب السياسية، او الصراعات الثقافية، اذ يحاول كل طرف الاستفادة من المخزون البشري، لمواصلة ”المعارك“ حتى النفس الاخير، مما يستدعي الاستفادة من جميع الاسلحة المتاحة، فالقراءة الدقيقة للظروف الزمانية، وكذلك الاطلاع على الملابسات المكانية، تسهم في احداث الفرق، بين الفرقاء في ادارة دفة المعركة، بالاتجاهات المختلفة، فتارة تكون الرياح بخلاف المخططات المرسومة، مما يستدعي اعادة رسم التوجهات، بما ينسجم مع المتغيرات الزمانية، خصوصا وان الجمود على طريقة ثابتة، يعطي الطرف المقابل الفرصة، لتوجيه الرأي العام المحلي، لتوجيه الضربة القاسمة، من خلال الاستفادة من الجمهور، وسحب البساط من تحت اقدام الطرف المقابل، بمعنى اخر، فان الخصوم تتحرك في الغالب وفق المعطيات على الارض، لتحريك الجماهير باتجاهات محددة، خصوصا وانها تستخدم كوقود لادامة المعارك الطاحنة، وكذلك لتحقيق الانتصار بواسطتها.

كاتب صحفي