ثقافة المكافآت
تشكل المكافآت المادية والمعنوية، عناصر اساسية في تحريك الطاقات الكامنة، فهناك الكثير من الانجازات، تبقى ساكنة مكانها لفترة طويلة، بيد انها سرعان ما تظهر للعلن بمجرد توفير الظروف المناسبة لتفجيرها، الامر الذي يسهم في مواصلة الابتكارات التي تخدم البشرية، على مختلف الاصعدة، حيث تعلب الحوافز دوريا كبيرا، في احداث فوارق كبيرة، في العديد من المجالات المختلفة.
ثقافة المكافآت احد القنوات الداعمة، لعملية النهوض العلمي، والثقافي، واحيانا التقني، فالمرء الذي يشعر بوجود اطراف قادرة، على مبادلة الانجازات على اختلافها، بتقديم بعض المغريات المالية، والمعنوية، فانه لا يدخر جهدا في سبيل اسعاد البيئة الاجتماعية، بغض النظر عن الجهد الذي يبذله، في سبيل الوصول الى النتائج العلمية، لاسيما وان الانسان يشعر بنوع من الراحة النفسية، مع وجود شراح اجتماعية تتعاطي بنوع من الايجابية، مع الجهود العلمية والانجازات الثقافية، وبالتالي فان المكافآت تخلق اثرا نفسيا اكثر وقعا من المكاسب المالية المترتبة على تحقيق بعض الانجازات العلمية او الثقافية، التي تعود على الانسانية بالفائدة والخير الكثير، مما يعني ان سيطرة هذه النوعية من الثقافة، تعتبر حاجة ماسة لعملية النهوض الاجتماعي، واظهار الافكار بشكل علني، نظرا لعدم وجود مخاوف من المعارضة الشديدة، التي تشكل في بعض الاحيان عامل احباط، في ترجمة الكثير من الابتكارات، على ارض الواقع.
التشجيع سلاح فعال، في خلق الظروف المناسبة، للانخراط في عالم الابتكار، والانجازات، الامر الذي يفسر تنامي بعض الاختراعات، في مجتمعات بشرية، واختفائها في كيانات انسانية اخرى، حيث تسهم الثقافة السائدة دورا، في وضع الطاقات في المسار الصحيح، بمعنى اخر، فان الاحساس بعدم الاهتمام، وغياب التقدير المناسب، فضلا عن غياب الجهات الحاضنة، لاستقبال تلك الافكار، والابتكارات، تشكل عناصر اساسية، في قتل الابداعات البشرية، مما يحرم المجتمعات من الكثير من الانجازات، التي تسهم رفد الشعوب، بالكثير من الاعمال الجليلة.
انتشار ثقافة المكافآت في المجتمعات، مرتبطة نوعية الافكار السائدة، فهناك مجتمعات تحارب الجديد بشكل دائم، وتضع كافة العراقيل امام بروزها، وانتشارها في المجتمع، الامر الذي يفسر اختفاء الطاقات، والادمغة في بعض المجتمعات، ذات النظرة السلبية للتطور، والتحرك الجاد الذي تقود العقول النيرة للنهوض، ومواكبة العصر، بينما تتحرك بعض المجتمعات، باتجاه تعبيد الطريق امام الطاقات، واحتضانها عبر توفير جميع الاسباب الداعمة، لعملية النهوض، والسير قدما باتجاه مواكبة التطور العلمي، والتقني، مما يستدعي انشاء المراكز العلمية، وتقديم الحوافز المعنوية والمادية.
تكريس قيم المكافآت في المجتمع، مرتبطة بمقاومة الثقافة السلبية، وزرع الروح الايجابية، بحيث تتعاطي بنوع من المسؤولية مع الكفاءات، والعقول النابغة، خصوصا وان انتشار الثقافة السلبية، تشكل حاجزا ماديا ومعنويا، امام العديد من الطاقات البشرية المكبوتة، الامر الذي يدفع حملة الفكر الخلاق، للبحث عن بيئات بديلة قادرة، على استقبال تلك الادمغة، وتقديم جميع المحفزات للانطلاق، بقوة في عالم الابداع والابتكار، لاسيما وان الاثار المترتبة على احتضان تلك الطاقات، تنعكس ايجابيا على المسيرة التنموية للمجتمع، الامر الذي يحدث انعطافة كبرى، في طريقة التفكير الجمعي.