قراءة تحليلية لجدلية العلم والدين بين الدكتور محمد حسين آل هويدي والشيخ أحمد سلمان
استمعت للمحاورة الجميلة والمثرية بين الدكتور الهويدي وبين الشيخ أحمد سلمان وانا كمتابع لأحداث الساحة الثقافية والفكرية على حسب جهدي المتواضع لمست جملة من الملاحظات بين المتحاورين وكذلك المداخلين ورأيت ملاحظات لا تحمل صفة الأعتراف عند إقامة البرهان ولذا سأحاول أن أقف محايدا لأعطي كل ذي حق حقه في حدود فهمي للحوار.
الملاحظات الجميلة:
1 - نفسية المتحاورين جميلة في تقبل الرأي والرأي الأخر مع وجود الأختلاف في المنطلقات الفكرية والمنهجية
2 - الهدوء في الحوار وإعطاء الفرصة للتعبير لكلا الطرفين في إبداء وجهة نظر الأخر سمة لمستها من هذا اللقاء.
3 - الأحترام المتبادل على مستوى الألفاظ بين المتحاورين ومناقشة الأفكار وبعدها قدر الأمكان عن شخصنة الفكرة بل مناقشة الفكرة وهذه المحاولات لاحظتها في المتحاورين.
4 - الوقت الممتع في تبادل الأفكار على طول الوقت إلا أن يحمل في طياته علوم وأقوال مثيرة وجاذبة تنسىي المتابع من طول الوقت.
الملاحظات التي اسجلها على المتحاورين.
الشيخ أحمد سلمان
لا يشبع الأجابة كما ينبغي ولعل ذلك إلى ضيق الوقت.
بعض الأشكالات التي آثارها الدكتور لم يجبها من قبيل السموات السبع والأرضين السبع
ملاحظات نسجلها على الدكتور:
يبدو لي أن الدكتور متأثر بسلوك العامة في التعاطي مع رجال الدين فكانت مركز اهتمامه وانعكس على نتائجه وهذا لا ينبغي من دكتور إذا أراد تحليل منطقي رياضي للواقع المعاش.
إعجابه الكبير بعلماء المادة والتجربة لما قدموه في خدمة البشرية وهذا لا ينكر يجعله دون شعور يقدمهم على أقوال العلماء من المراجع وهنا خلل منهجي في المقارنة فكل طيف خدم البشرية من جهة حاجتها لذا المقياس عنده فيه خلل لأن العالم المادي يحاول إيجاد ما يسهل الحياة ويفهم التعاطي معها ولكن العالم الرباني منهجه هداية الناس وارشادهم إلى مكارم الأخلاق وحثهم على العلم ودفع الناس إلى عجلة التقدم فهو خير معين لعلماء المادة كي ينتجوا رجال علماء كما نقلها عن أينشتاين العلم من دون دين أعمى والدين بلا علم أعرج ولكن لم يطبقها في حواره كما ينبغي.
عدم الأعتراف عند ظهور الخلل في التفكير أو المنطلقات التي تحرك منها حين قال أن العقل لا محدود وأصر عليها بالمقابل اجابه الشيخ بنفس الأدوات التي يعتمدها في استخراجها من علوم المادة وأربابها حيث استشهد بعلماء المادة أن العقل محدود لكن تجاهل الأمر ولم يعتذر.
أشكاله أن المراجع لا يتفقون على الرغم انهم من منهج واحد ورد عليه الشيخ من نفس منطلقاته ومن قول استيف هوكن حيث انهم في العلم التجريبي لا يتفقون ايضا رغم أن المنهج واحد ولم يعترف الدكتور ايضا لشدة بداهة وأستدلال الشيخ أحمد سلمان.
بالنسبة لمداخلات الجمهور:
داخل أحدهم بقوله جمود رجال الدين على ازلية الثابت ودون الالتفات إلى المتغير اللحظي كما عبر وقد اجابه الشيخ بشيء من التفصيل يبين اشتباه السائل وعدم المامه بالمعارف الدنينية وثقته بنتائجه دون تروي واطلاع كافي فبين له وأن هناك في الأحكام ماهو متغير بتغير الموضوع ومتغير بتغير المكان.
يرى السائل أن الدين ليس تخصص ثم يشكل على الشيخ أن يحاور من لا يعتقد أنه غير متخصص ويسميه تناقض وأبان له الشيخ ضعف ثقافته بالسؤال نفسه في صياغته ثم عدل له السؤال وأجاب الشيخ على جانبي السؤال فحيث أن الدين تخصص فلم ينكر أن هناك ساحة في الدين يمكن دخول غير المتخصص فيها.
يقع السائل مرة أخرى في سؤال تخصصي في القطع بعلوم الفلك وماهو ظني في رؤية الهلال فأجابه الشيخ بشيء من التفصيل بين النصوص ودورها الفقهي وعلوم الفلك ودورها العملي وأنه ليس هناك ثمة مقارنة بين ما أشار إليه السائل هداه الله في البين.
استخفاف السائل بأقوال فحول العلم من رجال الدين في رأيهم في مسألة في الفقه ومقارنة نفسه بهم وفي المقابل يضخم قول علماء المادة ورغم ذلك الشيخ رد عليه برد رصين متين في التفريق بين أقوال العلماء التخصصية وبين فهم عامة الناس ولم يدع المنهج التجريبي الذي يؤمن به السائل من وجود هكذا شواهد فلماذا في الدين لا قيمة له وفي العلم التجريبي يكن له قيمة؟
أعجبني واقعاً طبيب الأسنان حين استشهد بمثال الأنسان الذي سأل هل يجوز لي الصلاة من غير وضوء؟ فكانت الأجابة لا يجوز أو لا يمكن فقال السائل لكن صليت من دون وضوء الذي فقد اختصر هذا السؤال كثير من بعض عقليات اليوم التي تدخل في كل علم تحت مسمى الرأي والرأي الآخر.
الخلاصة:
واقعاً أعجبني الحوار بين الدكتور الهويدي وسماحة الشيخ والمداخلات فأشكر صاحب المبادرة لفتح جسور التواصل بين المختلفين في جو مفعم بالهدوء والحرية وأشكر سماحة الشيخ على سعة اطلاعة وتمكنه حيث ملك جناحي العلم والدين بثقافتة العالية بين العلوم التجربية والعلوم الحوزوية التي بان من خلالها العلم الزائف من العلم الحقيقي القائم على معايير منهجية استقاها من المؤسسة الدينية.