ثقافة الثراء
تعتبر الهجرة حلما يراود الكثير، من شباب الوطن العربي، نظرا تمثله من انتقال من واقع صعب الى حياة رغيدة، لاسيما وان احلام الثراء، وتكوين ثروة للقضاء على الفقر، نتيجة محدودية فرص العمل، واحيانا انعدام فرص العمل، لحملة الشهادات العليا، الامر الذي يدفع باتجاه البحث عن وسيلة، لايجاد فرصة عمل في البلدان الغنية.
الهجرة تفكير مشروع، ومباح للانتقال من وضع صعب، الى اخر اكثر رحابة، خصوصا وان الهجرة تمثل في بعض الأحيان حياة جديدة، وغير متوقعة على الاطلاق، جراء توفر ظروف داعمة لتفجير الطاقات، واكتشاف المواهب الذاتية، نظرا لوجود الإمكانيات والوسائل المساعدة، الامر الذي يفسر البروز السريع لشخصيات عربية، في مجتمعات غربية، في غضون سنوات قليلة للغاية، ”الفقر في الوطن غربة والغنى في الغربة وطن“، ”ليس بلد أحق بك من بلد، خير البلاد ما حملك“.
التحرك باتجاه تحسين الاحوال المعيشية، والبحث الدائم لرفع المستوى الاقتصادي، والعمل الجاد لبناء المستقبل، اعتمادا على المؤهلات، واستغلال الفرص المتاحة، عامل إيجابي في احداث تغييرات جذرية، لدى الشباب العربي، خصوصا وان الأوضاع الاقتصادية الصعبة، والبطالة المتفشية في مفاصل، العديد من البلدان العربية، تجعل عملية الحصول على فرص عمل، بدخل مجزي عملية صعبة للغاية، الامر الذي يشكل تحديا كبيرا، وصراعا لدى الشباب العربي، بين ترك الاوطان، والبحث عن عمل يتناسب، مع المؤهلات العالمية، وبين البقاء، وزيادة طابور البطالة الطويل، لاسيما وان الجامعات العربية، تضخ سنويا مئات الآلاف، من حملة الشهادات، في مختلف التخصصات العلمية والتقنية، مما يزيد من الاعباء على الحكومات، لتوفير فرص عمل مناسبة، لاستيعاب الإعداد المتزايدة بشكل سنوي.
التجارب الناجحة، لآلاف الشباب المهاجر في البلدان الغربية، تمثل دافعا قويا لمئات الآلاف من الشباب، لركوب امواج البحار، وقطع تذاكر السفر، للوصول الى الارض الأحلام، خصوصا وان البلدان الغنية في الغالب، تعمل وفقا لمبدأ تكافؤ الفرص، الامر الذي يدفع المؤسسات العلمية، والمراكز البحثية، لاحتضان الكفاءات، والادمغة النادرة، لتطوير البحوث العلمية، ومواصلة التقدم والنهوض، لاسيما وان الدول الغربية تعمل جاهدة، على استقطاب تلك الكفاءات النادرة، وتقديم جميع التسهيلات، في سبيل الفوز بها، الامر الذي يفسر تبوأ بعض العقول العربية، مراكز قيادية، في العديد من المواقع العلمية، والجامعات المرموقة، فضلا عن المستشفيات، وغيرها من المراكز البحثية المختلفة.
في المقابل، هناك تجارب تترك في الحلق غصة ومرارة، جراء وقوع إعداد كبيرة من الشباب العربي، ضحية لمآرب لدى مافيا التهرب، حيث تستغل تلك الجماعات المنظمة، الرغبة للشباب العربي الجامحة، للهرب من الفقر، الى بلدان الأحلام والثراء، من خلال سلب مبالغ مالية ضخمة، مقابل تأمين الوصول الى احد البلدان الغنية، بطرق غير قانونية، مما تسبب في ضياع ملايين الدولارات، نتيجة عمليات النصب والاحتيال، فضلا عن الكوارث الناجمة، عن استخدام الطرق غير الامنة، مما تسبب في غرق المئات في مياه البحر، بالاضافة لذلك، فان مافيا التهرب تعمد لابرام صفقات مع تجار البشر، للمتاجرة في بيع اعضاء الجسم، او الاستغلال في تجارة غير مشروعة، مثل التهريب، وغير من الأنشطة المحظورة.